أكدت دولة الإمارات، خلال مشاركتها في اجتماعات الدورة الـ 66 لجمعيات الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو" المنعقدة في جنيف، على مكانتها كمركز عالمي رائد في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، بعد نجاحها في تطوير منظومة وطنية متكاملة لحماية حقوق الملكية الفكرية بمستويات عالمية، باعتبارها إحدى الركائز الجوهرية لنمو الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار.
وقال معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة، في كلمته أمام الاجتماعات التي تستمر حتى 17 يوليو الجاري، إن الدولة اعتمدت نهجا متكاملا لتحديث التشريعات والسياسات المنظمة لتسجيل الأفكار المبتكرة والعلامات التجارية والمصنفات الفكرية، بما يسهم في حمايتها ورعايتها ونموها.
واستعرض معاليه أبرز المؤشرات التي تعكس تطور المنظومة الوطنية للملكية الفكرية، مشيراً إلى أن عدد العلامات التجارية المسجلة في الدولة حتى نهاية مايو 2025 بلغ أكثر من 385,774 علامة تجارية وطنية ودولية، كما شهدت المصنفات الفكرية المسجلة نمواً بنسبة 33.23% خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024.
وولفت إلى أن عام 2024 شهد ارتفاعاً في إجمالي طلبات تسجيل العلامات التجارية الوطنية والدولية لتصل إلى 33,874 طلباً مقارنة بـ 31,288 طلباً في عام 2023، بنمو بلغت نسبته 8%، كما تضاعف عدد العلامات التجارية المسجلة خلال العام ذاته ليصل إلى 31,535 علامة مقارنة بـ 16,712 علامة في عام 2023، محققاً نسبة نمو قياسية بلغت 89%، وفي الفترة من يناير حتى مايو 2025، تم تسجيل 15,179 علامة تجارية جديدة.
وفي ما يتعلق بالمصنفات الفكرية، أوضح معاليه أن دولة الإمارات حققت نمواً بنسبة 28.93% في عدد المصنفات المسجلة خلال عام 2024، ليصل إجماليها إلى 2,763 مصنفاً مقارنة بـ 2,143 في عام 2023، وهو ما يعكس تطور الوعي المجتمعي بأهمية حماية حقوق المؤلف، وتعزيز ثقة المبدعين والمبتكرين بالبيئة التشريعية في الدولة.
وقال إن المؤشرات الحديثة أظهرت نمواً متزايداً في قطاع الملكية الصناعية بالدولة، مدفوعاً بتطور البنية التشريعية وسهولة الإجراءات، حيث ارتفع عدد طلبات براءات الاختراع وشهادات المنفعة في عام 2024 إلى 3,622 طلباً، مقارنة بـ3,415 في عام 2023، محققاً نسبة نمو بلغت 6%، في حين سجلت الطلبات خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025 نمواً إضافياً بنسبة 19.43% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024.
وفي ما يخص التصاميم الصناعية، أشار معاليه إلى ارتفاع عدد الطلبات المقدمة من 1,134 طلباً في عام 2023 إلى 1,252 طلباً في 2024، بنمو سنوي قدره 10.41%، لافتا إلى أن التصاميم حققت نمواً لافتاً بنسبة 70% خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وهو ما يعكس جاذبية البيئة الاستثمارية في الدولة واهتمام الشركات والمخترعين بحماية ابتكاراتهم.
وقال معاليه: عملت وزارة الاقتصاد والسياحة خلال السنوات الماضية على إطلاق المبادرات والمشاريع الهادفة إلى تشجيع الابتكار ورعاية وحماية الأفكار، من أبرزها إطلاق منظومة وطنية متكاملة للملكية الفكرية تهدف إلى تسهيل الإجراءات، وتسريع الخدمات في مختلف تطبيقات الملكية الفكرية، وتعزيز الوعي بأهمية حماية حقوق المبدعين، وتقديم تجربة متكاملة للمتعاملين وفق أفضل الممارسات العالمية.
وأشار معاليه إلى إطلاق الدولة مساراً جديداً تحت اسم "الملكية الفكرية الخضراء"، يُعنى بتسريع فحص براءات الاختراع المرتبطة بالتقنيات المستدامة، بهدف دعم الاقتصاد الدائري والابتكار البيئي، كما لفت إلى أن الدولة تُواصل تنفيذ مبادرات نوعية لبناء القدرات الوطنية، من أبرزها البرنامج التدريبي لاعتماد وكلاء تسجيل العلامات التجارية، بالتعاون مع جمعية الإمارات للملكية الفكرية، بالإضافة إلى إطلاق مشروع لتقييم بيئة تمويل الأصول غير الملموسة والذي يهدف الى بناء منظومة خاصة لتقييم الملكيات الفكرية لتأمين التمويل والتحويل إلى نقد للمؤسسات الصغيرة والشركات الناشئة المختارة في القطاعات الرقمية والتكنولوجية.
وأوضح أن دولة الإمارات أطلقت مؤخراً منظومة الإدارة الجماعية لحقوق الموسيقى، كخطوة رائدة تهدف إلى تنظيم قطاع الموسيقى وصناعاته، بما يشمل التأليف والتلحين والأداء والإنتاج والنشر الموسيقي، حيث تم منح أول ترخيص في هذا المجال لـ (جمعية الإمارات لحقوق الموسيقى)، بالإضافة إلى منح ترخيص إضافي لـ (شركة ميوزيك نيشن) وذلك بهدف دعم نمو قطاع الموسيقى وترسيخ منظومة اقتصادية إبداعية قائمة على المعرفة والابتكار.
وتطرق معاليه إلى إطلاق الدولة لمنظومة تسجيل "المنتج الوطني المحدد جغرافياً"، كأول خدمة وطنية من نوعها تُعنى بحماية المنتجات الإماراتية المرتبطة بمنشأ جغرافي معيّن، والتي تضمنت الإعلان عن 4 منتجات وطنية ضمن خطة المرحلة الأولى لخدمة تسجيل المنتج الوطني المحدد جغرافياً، وهي: العسل من منطقة حتا، والسيراميك من إمارة رأس الخيمة، وتمر الدباس من منطقة الظفرة، بالإضافة إلى منتجات الخوص التقليدية التي تُصنع في مختلف إمارات الدولة وتعكس الموروث الحِرفي الإماراتي الأصيل.
وقال معاليه: نؤمن بأن الملكية الفكرية تمثل حافزاً أساسياً لتعزيز تنافسية الدولة واستدامة نموها، ونعمل بالتوازي على توسيع شراكاتنا الدولية، عبر الانضمام الفعّال إلى منظومة المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بالملكية الفكرية، ومن أبرزها اتفاق لشبونة بشأن حماية تسميات المنشأ وتسجيلها على الصعيد الدولي، كما انضمت خلال المرحلة الماضية إلى "معاهدة بودابست" التي تدعم بيئة البحث العلمي في مجال الكائنات الدقيقة، و"اتفاقية ستراسبورغ" المتعلقة بتصنيف براءات الاختراع، وقد أسهم ذلك في تحسين كفاءة النظام الوطني للملكية الفكرية وتوسيع نطاق حمايته دوليا.
وأكد معاليه على أهمية استكمال المفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هيئات البث والمعارف التقليدية، وأشكال التعبير الثقافي التقليدي، بعد النجاح الذي تحقق باعتماد معاهدة الموارد الوراثية ومعاهدة الرياض للتصاميم الصناعية، مؤكداً دعم دولة الإمارات الكامل لجهود المنظمة في هذا الإطار.
كما شدد معاليه على أن دولة الإمارات تنظر باهتمام إلى مقترح استضافة مكتب خارجي لمنظمة "الويبو" في الدولة، انطلاقاً من مكانتها كمركز إقليمي وعالمي للابتكار والتكنولوجيا، وأكد معاليه أهمية مناقشة مقترح إدخال اللغة العربية ضمن "نظام مدريد" بما يسهم في تعزيز التعدد اللغوي، وتمكين المجتمعات الناطقة بالعربية من الاستفادة من خدمات المنظمة.
واختتم معالي عبدالله بن طوق كلمته بالتأكيد على التزام دولة الإمارات بمواصلة التعاون البناء مع المنظمة والدول الأعضاء، لتعزيز الحماية الدولية للملكية الفكرية، ودعم نمو الاقتصادات الإبداعية حول العالم، ومواكبة التحولات التكنولوجية والرقمية في هذا القطاع الحيوي.