الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - أخبار العالم - "مصانع مظلمة" للسيارات الكهربائية في الصين.. من يعمل فيها؟

"مصانع مظلمة" للسيارات الكهربائية في الصين.. من يعمل فيها؟

الساعة 01:20 مساءً

 

 

في عالم يتسارع نحو التحول إلى الطاقة النظيفة، برزت الصين كقوة مهيمنة في صناعة السيارات الكهربائية، لكن الطريقة التي تحقق بها هذا الإنجاز أثارت دهشة وقلق المنافسين الغربيين.

تعتمد الصين على ما يُسمى بـ"المصانع المظلمة"، وهي خطوط إنتاج آلية بالكامل تعمل باستخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي دون تدخل بشري تقريبًا.

هذه المصانع، التي أصبحت رمزًا للتفوق التكنولوجي الصيني، ساعدت شركات مثل BYD وNIO على إنتاج سيارات كهربائية بكفاءة غير مسبوقة، مما يضع الشركات الأمريكية والأوروبية في موقف دفاعي.

ما هي المصانع المظلمة ؟

المصانع "المظلمة" (Dark Factories) هي منشآت إنتاج تعمل بشكل كامل تقريبًا عبر الروبوتات والأنظمة الآلية، دون الحاجة إلى إضاءة أو تدخل بشري. في الصين، استثمرت شركات مثل BYD وSAIC بكثافة في هذه التكنولوجيا لتقليل تكاليف الإنتاج وزيادة السرعة والدقة. على سبيل المثال، مصنع BYD في شنغهاي يضم أكثر من 500 روبوت يعملون على تجميع السيارات الكهربائية، من لحام الهياكل إلى تركيب البطاريات. هذه المصانع قادرة على العمل على مدار الساعة دون توقف، مما يسمح بإنتاج أعداد هائلة من السيارات بتكلفة منخفضة تصل إلى 30% أقل من المصانع التقليدية في أمريكا وأوروبا.

لماذا تهيمن الصين على سوق السيارات الكهربائية؟

وفقًا لتقرير لـ" وول ستريت جورنال "، فإن الصين أنتجت 60% من السيارات الكهربائية المباعة عالميًا في 2024، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 65% في 2025. المصانع المظلمة ليست السبب الوحيد، لكنها تلعب دورًا حاسمًا.

الأسباب الرئيسية للهيمنة الصينية:

تكاليف إنتاج منخفضة

بفضل الأتمتة، تكلفة إنتاج سيارة كهربائية في الصين أقل بنسبة كبيرة مقارنة بتسلا أو جنرال موتورز. على سبيل المثال، سيارة BYD Seal تُباع بسعر يبدأ من 25,000 دولار، بينما تكلفة السيارات المماثلة من تسلا تبدأ من 40,000 دولار.

دعم حكومي قوي

الحكومة الصينية تقدم إعانات سخية لشركات السيارات الكهربائية، بما في ذلك تمويل بناء المصانع الداكنة وتخفيضات ضريبية للمستهلكين. هذا ساعد على خفض الأسعار وزيادة الطلب الداخلي والخارجي.

سيطرة على سلسلة التوريد

الصين تسيطر على 70% من إنتاج بطاريات الليثيوم أيون عالميًا، مما يمنحها ميزة في تكاليف المكونات الرئيسية. شركات مثل CATL توفر بطاريات متقدمة بأسعار تنافسية.

سرعة الابتكار

المصانع الداكنة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين التصميم والإنتاج. على سبيل المثال، تستطيع هذه المصانع تحديث خطوط الإنتاج لتلبية تصاميم جديدة خلال أيام، بينما تحتاج المصانع التقليدية إلى أسابيع.

تأثير المصانع الداكنة على المنافسة العالمية

هيمنة الصين على سوق السيارات الكهربائية أثارت قلق الشركات الأمريكية والأوروبية. تسلا، التي كانت رائدة في هذا المجال، تواجه ضغوطًا متزايدة لخفض أسعارها، حيث خسرت 15% من حصتها السوقية في أوروبا لصالح BYD في 2024. جنرال موتورز وفورد أعلنتا عن خطط لتطوير مصانع آلية خاصة بهما، لكن التكاليف العالية ونقص العمالة المؤهلة يعيقان التقدم.

وبحسب مصادر وتقارير صحفية يُقدّر أن مصنع BYD في تشانغتشو بالصين قادر على إنتاج أكثر من 1,000 سيارة كهربائية يوميًا، حيث يُنتج السيارة الواحدة كل حوالي 50 ثانية.

 

في أوروبا، فرض الاتحاد الأوروبي تعريفات بنسبة 25% على السيارات الكهربائية الصينية في يوليو 2025، لكن هذا لم يمنع تدفق السيارات الرخيصة إلى الأسواق.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال " عن خبراء أن هذه التعريفات قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية في أوروبا، مما يقلل من جاذبيتها مقارنة بالسيارات التقليدية.

التحديات والمخاوف

رغم نجاح المصانع المظلمة إلا أن هناك تحديات كبيرة:

نقص الوظائف

الأتمتة الكاملة قللت الحاجة إلى العمالة البشرية، مما أثار مخاوف من البطالة في المناطق الصناعية الصينية.

الأمن السيبراني

المصانع المظلمة تعتمد على أنظمة ذكاء اصطناعي متصلة بالإنترنت، مما يجعلها عرضة للهجمات السيبرانية.

الاعتماد على الطاقة

هذه المصانع تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، مما يضع ضغطًا على شبكات الطاقة الصينية، التي لا تزال تعتمد جزئيًا على الفحم.

النظرة المستقبلية

مع استمرار الصين في توسيع استخدام المصانع المظلمة ، يتوقع الخبراء أن تهيمن على 75% من سوق السيارات الكهربائية بحلول 2030. لكن هذا النجاح قد يدفع الدول الغربية إلى استثمارات مماثلة أو فرض المزيد من الحواجز التجارية. تسلا، على سبيل المثال، أعلنت عن خطط لمصنع آلي جديد في تكساس بحلول 2027، لكن التكاليف قد تصل إلى 10 مليارات دولار.

المصانع المظلمة في الصين ليست مجرد تقدم تكنولوجي، بل هي إشارة إلى تحول جذري في كيفية تصنيع السلع في العالم. بينما تستفيد الصين من سرعتها وكفاءتها، تواجه الشركات الأمريكية والأوروبية معركة صعبة للحاق بالركب. هذا الموضوع سيظل تريند في الأشهر القادمة، حيث يعيد تشكيل مستقبل صناعة السيارات والاقتصاد العالمي.