الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - أخبار العالم - اكتشاف مذهل.. ماذا وجد العلماء تحت جليد القارة القطبية الجنوبية؟

اكتشاف مذهل.. ماذا وجد العلماء تحت جليد القارة القطبية الجنوبية؟

الساعة 03:52 مساءً

 

 

 

في تطور علمي استثنائي، كشف فريق دولي من الباحثين عن اكتشاف مذهل تحت الغطاء الجليدي للقارة القطبية الجنوبية، قد يحمل مفاتيح لفهم أعمق للتغير المناخي وارتفاع مستويات البحار على كوكب الأرض.

فقد تمكن العلماء من رصد 332 شبكة من الأخاديد البحرية العميقة — وهي قنوات مترابطة شُكّلت بفعل تدفقات طينية مائية تعرف بـ"تيارات العكارة" — في قاع المحيط أسفل جليد أنتاركتيكا. وهذا الرقم يُعد أكثر بخمس مرات مما كان يُعتقد سابقاً.

ويقول العلماء إن هذا الاكتشاف قد يكون له آثار أوسع بكثير على كيفية توقع تأثيرات تغير المناخ، حيث تنقل هذه الأخاديد المياه الدافئة من المحيط المفتوح إلى الجليد البحري العائم، مما يُسرّع ذوبان الجليد.

أعماق مذهلة بحجم الجبال

تتوزع هذه الأخاديد على نطاق واسع، ويصل عمق بعضها إلى نحو 4,000 متر، أي ما يعادل ارتفاع جبل مونت بلانك في أوروبا. وتُعد هذه التكوينات الجيولوجية من بين الأكبر والأكثر تعقيداً على وجه الأرض، وفقاً للباحثين من جامعة برشلونة.

الدكتور ديفيد أمبلاس، أحد قادة الدراسة، أوضح أن "المنطقة الأكثر إثارة تقع في شرق القارة القطبية الجنوبية، حيث تتفرع أنظمة الأخاديد البحرية في شبكة معقدة على نحو غير مسبوق".

فرق مذهل بين شرق وغرب أنتاركتيكا

استخدم الباحثون وفقا لصحيفة "ديلي ميل" خرائط طبوغرافية متقدمة تم تحليلها بواسطة تقنيات شبه آلية لتحديد مواقع الأخاديد بدقة. ومن خلال هذه التقنية، تم اكتشاف اختلاف واضح بين أخاديد شرق وغرب القارة:

في الشرق: الأخاديد أطول وتميل إلى الشكل "U"، نتيجة نشاط جليدي طويل الأمد.

في الغرب: الأخاديد أقصر وأكثر انحدارًا، وتتخذ شكل "V"، وقد تشكلت بفعل تدفقات مائية حديثة ناجمة عن ذوبان الجليد.

الدكتور ريكاردو أروسيو، الجيولوجي البحري من جامعة كورك، أشار إلى أن "هذا التباين الجغرافي لم يكن معروفًا من قبل، وقد يساعد على فهم أعمق لتاريخ القارة الجليدي وتأثيراته المستقبلية".

لا تقتصر أهمية هذه الأخاديد على قيمتها الجيولوجية فحسب، بل إن لها دورًا حيويًا في العمليات المحيطية، إذ تنقل الرواسب الغنية بالمغذيات، وتربط بين المياه السطحية والعميقة، وتساهم في دعم التنوع البيولوجي البحري.

لكن الأخطر من ذلك هو دورها في نقل المياه الدافئة من المحيط المفتوح إلى أسفل الأرفف الجليدية العائمة، مما يسرّع عملية الذوبان من الأسفل — وهي آلية يُعتقد أنها تساهم في تراجع الكتل الجليدية الداخلية بشكل متسارع.

كما تُمكّن هذه القنوات المياه الباردة الكثيفة من الغوص نحو أعماق المحيط، وهو أمر أساسي في دفع التيارات المحيطية العالمية التي تنظم مناخ الأرض.

نقص في نماذج المحاكاة المناخية

ورغم الأهمية البيئية الكبرى لهذه الأخاديد، فإن النماذج المناخية المعتمدة من قبل جهات كبرى مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) لا تأخذ هذه الظواهر بعين الاعتبار.

 

يحذر الدكتور أروسيو قائلاً: "تجاهل هذه الآليات المحلية يُضعف من قدرة النماذج على توقع التغيرات المناخية بدقة"، ويؤكد أن رسم خرائط أوفى لقاع البحر تحت الجليد أمر ملحّ لفهم ما يُخبئه المستقبل.

المخاطر القادمة

تمتلك القارة القطبية الجنوبية حوالي 70% من المياه العذبة في العالم، وتُغطيها ثلاثة صفائح جليدية ضخمة. وإذا ذابت جميعها، فإن مستوى سطح البحر العالمي قد يرتفع بأكثر من 56 مترًا (183 قدمًا)، مما سيغمر مدنًا ساحلية كبرى ويغيّر معالم الأرض كما نعرفها.

ورغم أن الذوبان الكامل غير متوقع في المدى القصير، إلا أن خسائر صغيرة في الجليد قد تؤدي إلى تغيرات مناخية عالمية هائلة، تشمل اضطراب أنماط التيارات المحيطية والرياح، وازدياد الكوارث المناخية.

فهم القاع... لحماية القمة

يؤكد الباحثون أن فهم هذه الأخاديد المغمورة — والتي كانت مخفية عن الأنظار لقرون — قد يشكل حجر الزاوية في تطوير نماذج مناخية أكثر دقة واستراتيجيات إنقاذ فعالة لحماية الكوكب.

ومع بقاء أكثر من 70% من قاع المحيط دون خرائط مفصلة، فإن مزيداً من الاكتشافات قد تغيّر نظرتنا إلى المحيطات والجليد والعواقب الكونية لانبعاثاتنا.