تحضر اليابان إلى ثروة صامتة في قطاع الطاقة المتجددة تقودها ألواح شمسية متطورة، قادرة على توليد طاقة تعادل إنتاج 20 مفاعلاً نووياً.
في عام 2011، غيّرت كارثة فوكوشيما النووية وجه الطاقة في اليابان. الزلزال المدمر والتسونامي الذي تبعه أديا إلى انهيار شبكة الكهرباء وتسرب إشعاعي أجبر أكثر من 160 ألف شخص على مغادرة منازلهم.
لكن وسط هذا الظلام، بزغ أمل جديد: الحاجة الملحة للطاقة النظيفة. ومنذ ذلك الحين، شهدت الطاقة الشمسية نمواً متسارعاً، حتى أصبحت اليوم مسؤولة عن نحو 10% من إجمالي قدرة الطاقة في البلاد، بحسب ما ذكره موقع "Eco Portal".
رغم هذا التقدم، واجهت اليابان تحدياً كبيراً، متمثلاً في ضيق المساحات المتاحة لتركيب الألواح الشمسية التقليدية. وهنا جاء الحل من خلال الاستثمار في الجيل الجديد من الخلايا الشمسية، المعروفة باسم خلايا "بيروفسكايت"، والتي تعد أكثر كفاءة ومرونة، ويمكن تركيبها على النوافذ، وجدران المباني، وحتى أسطح السيارات.
تعتمد خلايا البيروفسكايت على مادة اليود، التي تحتل اليابان المرتبة الثانية عالمياً في إنتاجها بعد تشيلي. هذا يمنحها فرصة لتأمين سلسلة إمداد محلية مستقلة، ويعزز أمنها الاقتصادي.
كما تسعى الحكومة اليابانية إلى استعادة مكانتها في سوق الطاقة الشمسية، بعد أن تراجعت حصتها من 50% في عام 2004 إلى أقل من 1%، في ظل هيمنة الصين على هذا القطاع.
طاقة هائلة من خلايا مرنة
وفقاً لخطة الطاقة الحكومية، من المتوقع أن تنتج خلايا البيروفسكايت ما يقارب 20 غيغاواط من الكهرباء بحلول عام 2040، وهي كمية تعادل إنتاج 20 مفاعلاً نووياً.
وتتميز هذه الخلايا بكفاءتها العالية، إذ تصل نظرياً إلى 43%، مقارنة بـ 29% فقط للخلايا السيليكونية التقليدية، ما يجعلها خياراً مثالياً لتسريع التحول نحو الطاقة المتجددة.
رغم الإمكانات الهائلة، لا تزال هناك تحديات تقنية تتعلق بمتانة خلايا البيروفسكايت وطول عمرها وتكلفتها. شركات يابانية مثل "سيكيسوي كيميكال" تعمل على تطويرها تجارياً، لكن التوقعات تشير إلى أن العالم لن يشهد انتشاراً واسعاً لها قبل عام 2030.
المستقبل يبدأ الآن
بينما تواصل اليابان تطوير تقنيات شمسية أخرى بالتوازي، يبدو أن خلايا البيروفسكايت تمثل بوابة العبور الحقيقية نحو مستقبل طاقي نظيف ومستدام.
وإذا ما نجحت في تجاوز العقبات، فإن اليابان لن تكون فقط قد قفزت إلى القرن الثاني والعشرين، بل ستكون قد رسمت ملامح مستقبل الطاقة للعالم بأسره.