في ولاية نيفادا الأميركية، تصدّر اكتشاف جديد العناوين وأضاء السماء. يُشار إليه بأنه "أكبر ألماسة في أميركا"، لكنه ليس حجراً كريماً بل محطة طاقة شمسية بقدرة 200 ميغاواط تُضيء الآن بهدوء أحد أغنى مواقع التعدين في البلاد.
تشتهر نيفادا بثرواتها المعدنية، خاصة الذهب، لكن التركيز بدأ يتغير. فبدلاً من الذهب، أصبح العلماء والباحثون والمهتمون بالبيئة يوجهون أنظارهم نحو مصدر قادر على توليد طاقة متجددة ونظيفة، بهدف الاستفادة من مورد مستدام يخدم الولاية.
تعاونت شركتان، "نيڤادا غولد ماينز" التابعة لشركة باريك (NGM) وشركة نيومونت، لإنشاء واحدة من أكبر محطات الطاقة في المنطقة — محطة طاقة شمسية بقدرة 200 ميغاواط. وعلى الرغم من شهرة الولاية بثرواتها الباطنية، إلا أن الخبراء يرون أهمية هذا التحول الذي يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة الملوثة، وفقا لتقرير نشره موقع " ecoportal" واطلعت عليه "العربية Business".
لماذا 200 ميغاواط ليست مجرد رقم؟
كلمة "الطاقة الشمسية" قد تبدو مكررة لكثرة استخدامها في الأحاديث عن الطاقة المتجددة، لكن قدرة 200 ميغاواط ليست شيئاً بسيطاً — فهذه المحطة يمكنها تزويد نحو 140,000 منزل بالكهرباء. وهذا تحول كبير. علاوة على ذلك، تُستخدم هذه الطاقة لتشغيل واحدة من أكبر عمليات تعدين الذهب في العالم.
بحسب مارك بريستو، الرئيس التنفيذي لشركة باريك، فإن المحطة الشمسية ستخفض من انبعاثات غازات الدفيئة السنوية لـ NGM بنسبة 8% مقارنةً بخط الأساس المعتمد في عام 2018. كما أنها ستوفر نحو 17% من احتياجات الطاقة السنوية للشركة، ما يعادل تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 234 ألف طن سنوياً — ما يشكل ثورة حقيقية في مجال الطاقة بالمنطقة.
الخبراء يصفونها بـ"العملاق المتوهج" — لكنها أكثر من مجرد محطة طاقة
يرى الخبراء أن هذا المشروع يلمع ويشع بطاقة 200 ميغاواط، حتى أنهم شبهوه بـ"ألماسة العصر الحديث" تحت أشعة الشمس. لكن المسألة ليست في الشكل بل في الأداء والأثر. تسعى NGM إلى ترك بصمة في مجال الطاقة وبناء بنية تحتية مميزة. فمن الناحية الاستراتيجية، يقلل هذا المشروع من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويعزز أمن الطاقة في الولاية.
يضيف بريستو من شركة باريك: "المحطة الشمسية هي واحدة من عدة مبادرات تهدف لتقليل اعتمادنا على مصادر الكهرباء القائمة على الكربون. كما أننا نعمل حالياً على تعديل محطة TS للطاقة لتعمل باستخدام الغاز الطبيعي الأنظف. إضافة إلى ذلك، بدأنا في 2023 بإدخال السيارات الكهربائية ضمن أسطول المركبات الخفيفة، متضمناً البنية التحتية اللازمة للشحن في إلكو وفي المناجم الرئيسية مثل كارلين، كورتز، توركواز ريدج، وفينيكس، إلى جانب محطة TS."
حجم الولاية لا يحدد مدى تأثيرها. قد تكون نيفادا صغيرة، لكنها تقدم نموذجاً يحتذى به في إدارة الطاقة النظيفة. وإذا تمكنت مقاطعة صغيرة من إدارة مشروع بهذا التعقيد، فلم لا يتكرر الأمر على مستوى البلاد؟ علماً أن نيفادا ليست جديدة على مجال الطاقة المتجددة — فبالإضافة إلى الطاقة الشمسية، تحتضن الولاية مصادر مهمة للطاقة الحرارية الجوفية، ما يجعلها بالفعل مركزاً قوياً للطاقة.
والأفضل من ذلك، أن وزارة الطاقة الأميركية منحت NGM تمويلاً بقيمة 95,000 دولار لتطوير منشآت جديدة للطاقة المتجددة مزودة بأنظمة لتخزين الطاقة بالبطاريات، بحسب ما أعلنت شركة باريك.