أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رسمياً، موافقة حكومته على إبرام أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل، بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر على مدى 15 عاماً، في اتفاق يعيد ترتيب مشهد الطاقة في شرق المتوسط ويثير تساؤلات سياسية واقتصادية واسعة.
الصفقة، التي ظلت معلقة لأكثر من عامين، خرجت إلى حيز التنفيذ مؤخراً بعد ضغوط من الإدارة الأميركية وشركاء التطوير في حقل ليفاثيان الإسرائيلي، وفي مقدمتهم شركة شيفرون الأميركية، إلى جانب شركتي نيوميد وريشيو.
وبموجب الاتفاق، سيتم تصدير 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من حقل ليفاثيان، الذي تُقدَّر احتياطياته بنحو 600 مليار متر مكعب، ما يمنح إسرائيل تدفقات مالية طويلة الأجل، ويعزز موقعها كمصدر رئيسي للطاقة في المنطقة.
مكاسب متبادلة.. لكن بحسابات مختلفة
وصفت إسرائيل الصفقة بأنها تعزز الاستقرار الإقليمي وتوفر إيرادات ضخمة للخزينة، فيما ترى مصر فيها حلًا مؤقتاً لأزمة طاقة، بعد تراجع إنتاجها المحلي من الغاز منذ عام 2022، واضطرارها إلى إنفاق مليارات الدولارات على استيراد الغاز المسال، وفق بيانات نقلتها وكالة "رويترز".
وتسعى القاهرة من خلال الاتفاق إلى سد فجوة نقص الغاز، ولو جزئياً، بعد عامين من انقطاعات مبرمجة للكهرباء لتخفيف الأحمال، وضمان استمرار تشغيل محطات الإسالة التي تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية مصر للطاقة.
مصر: صفقة تجارية بلا أبعاد سياسية
في خضم الجدل المثار، أكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، أن صفقة الغاز مع إسرائيل تجارية بحتة، أُبرمت وفق اعتبارات اقتصادية واستثمارية خالصة، ولا تنطوي على أي تفاهمات أو أبعاد سياسية.
وشدد رشوان على أن الاتفاق يخضع لقواعد السوق وآليات الاستثمار الدولي، وأن أطرافه شركات طاقة دولية وتجارية، في مقدمتها "شيفرون" الأميركية، إلى جانب شركات مصرية متخصصة في استقبال ونقل وتداول الغاز، من دون تدخل حكومي مباشر في إبرام التعاقدات.
مركز إقليمي للغاز
وأوضح رشوان أن الاتفاق يخدم مصلحة استراتيجية لمصر، تتمثل في ترسيخ موقعها باعتبارها المركز الإقليمي الوحيد لتداول الغاز في شرق المتوسط، مستندة إلى بنية تحتية متقدمة تشمل محطات إسالة وشبكات نقل وقدرات تخزين وتداول واسعة.
وأشار إلى أن تنوع مصادر الغاز وتعدد الشركاء والمسارات يمنح مصر مرونة كبيرة في إدارة ملف الطاقة، ويجنبها أي ضغوط أو قيود سياسية أو اقتصادية محتملة.
موقف سياسي ثابت
وحذر رشوان من محاولات تسييس الاتفاق أو استغلال توقيته، مؤكداً أن موقف مصر من القضية الفلسطينية ثابت، ويقوم على دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفض التهجير القسري، والتمسك بحل الدولتين.
وشدد على أن التحرك الدبلوماسي المصري لعب دوراً محورياً في إفشال مخططات التهجير، وطرح مسار إعادة إعمار قطاع غزة، كما أكدته مخرجات قمة شرم الشيخ.
إسرائيل: مشروع قومي طويل الأجل
من جانبه، وصف نتنياهو الصفقة بأنها مشروع قومي ومستقبل للأجيال القادمة، مؤكداً أنه خاض مفاوضات صعبة لتمريرها. كما أشار وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، إلى أن المفاوضات استمرت أشهراً قبل التوصل إلى الاتفاق النهائي.
وكانت صفقة الغاز الممتدة حتى عام 2040 قد جُمِّدت سابقاً بقرار إسرائيلي، في إطار السعي للحصول على أسعار أفضل.