الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - أخبار العالم - ثورة في علم المصريات.. هرم خوفو يكشف عن عبقرية خفية

ثورة في علم المصريات.. هرم خوفو يكشف عن عبقرية خفية

الساعة 10:36 مساءً

 

في تطوّر مثير يعيد تشكيل نظرة العالم لأحد أعظم المعالم التاريخية، كشفت أبحاث علمية حديثة أن هرم الجيزة الأكبر لا يتكوّن من أربعة أوجه كما هو شائع، بل من ثمانية، في اكتشاف هندسي يسلط الضوء على مدى التقدّم المعماري لدى المصريين القدماء.

وكان الاعتقاد السائد منذ آلاف السنين أن الهرم الأكبر، الذي بُني خلال حكم الفرعون خوفو قبل أكثر من 4500 عام، يتألف من أربعة أوجه مثلثية، تلتقي عند قمة واحدة، وتشكل بذلك رمزا خالدا للبراعة الهندسية في العصور القديمة.

لكن بحثا علميا حديثا، مدعوما بتقنيات تصوير متطورة وتحليلات ضوئية دقيقة، بيّن أن كل وجه من الأوجه الأربعة مقعّر إلى الداخل، ما يجعل لكل وجه وجهين مائلين قليلا، وبالتالي يصبح عدد الأوجه الإجمالي ثمانية، وفقا لموقع sustainability-times.

هذا الكشف لم يكن وليد اليوم، إذ تعود أولى الملاحظات إلى عام 1940 حين لاحظ عالم المصريات البريطاني الشهير فليندرز بيتري وجود انبعاجات دقيقة على أوجه الهرم عند النظر إليها تحت ظروف إضاءة معينة، إلا أن دقة هذه الانبعاجات وصعوبة ملاحظتها بالعين المجرّدة حالت دون تأكيد هذا الاكتشاف لعقود.

في عام 1975، أعاد عالم المصريات IES إدواردز طرح الفكرة في كتابه "أهرامات مصر"، مشيرا إلى أن الكتل الحجرية تم وضعها بطريقة تميل قليلاً إلى الداخل، ما يخلق انخفاضا طفيفا في منتصف كل وجه.

وقد أكدت دراسة نُشرت عام 2023 في مجلة Archaeological Discovery هذه الفرضية، إذ أظهر الباحث الياباني أكيو كاتو عبر تحليلات جوية وصور دقيقة أن الانبعاجات تمتد من قاعدة الهرم حتى قمته، وهي غير مرئية إلا من الأعلى.

ويرى الباحثون أن هذا التصميم لم يكن عشوائيا، بل يعكس فهما متقدما للبصريات والهندسة من قِبل البنّائين المصريين القدماء، حيث تُصبح الأوجه المقعّرة أكثر وضوحا عند سقوط الضوء عليها بزوايا معينة، خاصة في فترات محددة من النهار أو خلال الاعتدالين الربيعي والخريفي.

ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام تساؤلات جديدة حول نوايا المصممين القدماء: هل كانت هذه الانبعاجات ذات بعد رمزي؟ وهل ارتبطت بتوجهات فلكية أو شعائر دينية؟ أم أن لها وظيفة إنشائية لتقوية الهيكل أو لتحسين توزيع الأحمال؟

بغض النظر عن الدوافع، فإن النتيجة تؤكد أن المصريين القدماء امتلكوا معرفة متقدمة في مجالات الهندسة والضوء والبناء تتجاوز ما كان يُعتقد سابقا.

ويعتبر هذا الكشف إضافة نوعية للدراسات المعمارية والهندسية حول الأهرامات، ويدعو إلى إعادة تقييم كثير من الفرضيات المتعلقة بطرق البناء القديمة، كما يعزّز فرضية أن الحضارات القديمة ربما امتلكت علوما أعمق ما توصلت إليه الوثائق التاريخية.

ويبقى هرم الجيزة الأكبر، آخر عجائب العالم القديم الباقية، مصدرا للدهشة والإلهام، ومع كل اكتشاف جديد، يتجدد الإعجاب بعبقرية من شيّده، وتُطرح تساؤلات جديدة حول أسرار لا تزال مطمورة في حجارة التاريخ.