أثار المسلسل المصري "لا ترد ولا تستبدل"، الذي يعرض حالياً، جدلاً واسعاً في مصر، بعدما جسد قصة إنسانية مؤثرة تحولت إلى صرخة تحذير.

فقد كشفت الحبكة الدرامية عن إصابة بطلة العمل، دينا الشربيني، بالفشل الكلوي نتيجة الاستخدام الخاطئ للأدوية.

لتتصاعد التساؤلات حول مدى خطر الاستخدام العشوائي للمسكنات. إذ أعاد هذا الطرح الفني ملف الاستسهال في تناول العقاقير المسكنة إلى الواجهة، خاصة بين الشباب دون الخامسة والثلاثين.

وطرح تساؤلاً جوهرياً: هل يمكن أن يتحول الاعتماد المستمر على المسكنات دون استشارة طبية إلى سبب مباشر للفشل الكلوي والوفاة؟

رقابة على تناول المسكنات

في هذا السياق، أكد الدكتور محمد عبد الوهاب، رئيس فريق زراعة الكبد بجامعة المنصورة، في تصريحات خاصة لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، أن الأنظمة الصحية العالمية تفرض رقابة صارمة على تناول المسكنات، ولا تسمح بصرف أي نوع منها إلا بوصفة طبية معتمدة.

إلا أنه أشار إلى أن الوضع في مصر يختلف بشكل لافت، حيث يمكن لأي شخص الحصول على المسكنات بسهولة من الصيدليات، بل وقد تصل إليه حتى باب منزله دون أية رقابة أو حاجة لاستشارة مختص.

كما رأى أن هذا التسيب يمثل خطراً حقيقياً على الصحة العامة، خاصة في ظل ضعف الوعي المجتمعي بمخاطر هذا السلوك، فقد تترك هذه الأدوية، رغم شيوع استخدامها، آثاراً جانبية خطيرة على أعضاء حيوية كالكبد والكلى. وأوضح أن الاستمرار في تناولها لفترات طويلة أو بجرعات غير محسوبة قد يؤدي إلى مضاعفات صحية جسيمة، تتطور إلى أمراض مزمنة يصعب علاجها.

هذا وطالب عبد الوهاب بحصر صرف المسكنات تحت إشراف طبي دقيق ولأسباب واضحة، مشيرا إلى أن الشعور بالآلام المتكررة يجب أن يكون دافعاً للتوجه للطبيب لتشخيص السبب الحقيقي، بدلاً من اللجوء للمسكن كحل سريع ومؤقت قد يخفي كارثة صحية.

أمراض الكلى

بدوره، حذر الدكتور مجدي علي، استشاري أمراض وزراعة الكلى، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، من أن الإفراط في تناول المسكنات دون إشراف طبي يُعد سبباً شائعاً وأساسياً للإصابة بأمراض الكلى. وبعض الأنواع تتسبب في تراجع تدريجي وصامت في وظائف الكلى، بحيث لا يشعر المريض بالأعراض إلا بعد فوات الأوان والوصول إلى مراحل متأخرة. ويسبب الاستخدام العشوائي تلفاً مباشراً لأنسجة الكلى.

كما حذر استشاري أمراض الكلى من الخطورة البالغة للجمع بين أكثر من نوع من المسكنات، أو تناولها بالتزامن مع أدوية أخرى دون الرجوع للطبيب، لما لذلك من تأثير مضاعف ومدمر على الكفاءة الكلوية. وشدد على أن المسكنات تخفف الألم لحظياً، لكن ضريبتها قد تكون فقدان عضو حيوي لا يمكن تعويضه على المدى الطويل.