2025/12/28
مفارقة غريبة.. آيفون 17 برو يزدهر في غزة

 

في مشهد يختصر التناقض القاسي للحرب، بدأت مبيعات هاتف آيفون 17 برو الفاخر تشهد رواجًا لافتًا في قطاع غزة، رغم الدمار الواسع، وتشريد عشرات الآلاف من السكان، وندرة الغذاء والدواء، وفق تقرير بثته شبكة "NBC News" الأميركية.

 

التقرير أشار إلى أن الهواتف الذكية، وعلى رأسها آيفون 17 برو، متوافرة في غزة منذ أشهر، لكن الإقبال عليها أثار تساؤلات حادة حول الأولويات، خاصة بعد أن نقلت صحيفة "The National" الإماراتية تساؤلات لفلسطينيين قالوا: "لماذا الهواتف وليس الطعام؟".

 

وتبرز المفارقة بوضوح في شوارع القطاع، حيث منازل مدمرة وأشخاص بلا مأوى، إلى جانب أشخاص يحملون أحدث هواتف "أبل".

 

وتفسر "NBC" هذا الأمر جزئيًا بصِغر حجم الهاتف، ما يجعله أسهل في التهريب أو الإدخال مقارنة بمواد أكثر إلحاحًا مثل الإسمنت أو حليب الأطفال.

 

لكن المشهد لا يخلو من انتقادات. إذ تساءلت صحيفة "The National" عن جدوى إدخال هواتف باهظة الثمن بدلًا من مواد إعادة الإعمار أو مستلزمات إنقاذ الأطفال من الجوع، في وقت تصل فيه أسعار الهواتف الذكية في غزة إلى مستويات خيالية.

 

وبحسب التقرير، تُباع الهواتف في القطاع بأسعار تفوق نظيراتها عالميًا بنحو 10 أضعاف، إذ قد يصل سعر هاتف اقتصادي إلى 5000 شيكل (نحو 1500 دولار).

 

أما الطرازات الفاخرة مثل آيفون 17 برو، فتمثل عبئًا لا يمكن تصوره لمعظم السكان.

 

يقول سمير كمال أبو دقة، عامل بناء يبلغ 52 عامًا ويعيل أسرة من سبعة أفراد: "لا نستطيع شراء الطعام… فكيف يُطلب منا شراء هواتف؟".

 

إلى جانب البعد الاقتصادي، تبرز مخاوف أمنية. فالصحافي حمزة الشوبكي أثار تساؤلات حول السماح بدخول أجهزة اتصال متطورة، في ظل اتهامات متكررة لإسرائيل باستخدام شبكات الاتصالات لأغراض المراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية، خاصة أن بعض هذه الأجهزة لم يكن مسموحًا بدخولها حتى قبل الحرب.

 

وتفرض إسرائيل قيودًا صارمة على البنية التحتية للاتصالات في غزة، حيث لا يتجاوز الاتصال الخلوي تقنية الجيل الثاني (2G)، مع حظر خدمات 3G و4G و5G.

 

ورغم ذلك، عاد استيراد الهواتف الذكية عبر القنوات الرسمية للمرة الأولى منذ عامين.

 

من جهتها، أكدت منسقة الأنشطة الحكومية في المناطق (COGAT) التزامها بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، لكنها امتنعت عن التعليق على تجارة الهواتف في القطاع.

 

فيما أوضحت تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة "غيشا" الحقوقية الإسرائيلية، أن الطلب على الهواتف وملحقاتها ارتفع بشكل ملحوظ مؤخرًا.

 

ويرى مراقبون أن الإقبال على آيفون 17 برو لا يرتبط بالحاجة التقنية بقدر ما يعكس رمزية اجتماعية، إذ يمنح الهاتف نوعًا من المكانة لحامليه، حتى في أكثر البيئات قسوة.

 

وتعلق الباحثة في جامعة كامبريدج البريطانية، منى جبريل، قائلة: "حتى قبل الحرب والحصار، كانت هناك هواتف فاخرة وسيارات باهظة، لكن مع الدمار الهائل والكارثة الإنسانية، أصبحت هذه المفارقة أكثر وضوحًا".

 

ورغم المخاوف، لا يزال الهاتف الذكي أداة لا غنى عنها في غزة، لمتابعة الأخبار، والتعليم، والتواصل في حالات الطوارئ، خصوصًا في ظل تشتت العائلات داخل القطاع.

 

وتقول جبريل إن امتلاك هاتف ذكي بات أكثر أهمية من أي وقت مضى.

 

في متجر "طبية" للهواتف، الذي يعمل الآن من خيمة بعد تدمير فروعه السابقة، تُعرض هواتف اقتصادية من "شاومي" إلى جانب آيفون 17 برو.

 

ويؤكد الاقتصادي فريد قبلان من خان يونس أن الهاتف المحمول هو الوسيلة الوحيدة لنقل الحقيقة إلى العالم.

 

لكن الخوف لا يزال حاضرًا، خاصة بعد حوادث انفجار أجهزة اتصال في لبنان عام 2024، ما جعل كثيرين يتوجسون من استخدام الهواتف.

 

وتقول تانيا هاري: "بعد ما حدث مع أجهزة النداء، شخصيًا لن أقترب من تلك الهواتف".

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://www.arabnn.news - رابط الخبر: https://www.arabnn.news/news79569.html