منذ سنوات، كان الهاتف الذكي هو «القاتل الصامت» على الطرقات، حيث تظهر الإحصائيات العالمية أن تشتيت الانتباه – ولو لثوانٍ معدودة – هو السبب الأول في آلاف الحوادث. لكن شركة أبل قررت أن تضع حداً لهذه المأساة عبر ميزة «التركيز أثناء القيادة» (Driving Focus)، التي تم دمجها كجزء أساسي من نظام «آي أو إس 15» (iOS 15) وما يليه.
حماية ذكية
هذه الميزة ليست مجرد وضع «صامت» تقليدي، بل هي جدار حماية ذكي يقام بين السائق وعالمه الرقمي الصاخب، مع الحفاظ على قنوات اتصال حيوية منقذة. ويعمل وضع «القيادة» على إلغاء فوضى الإشعارات بالكامل تقريباً، لكنه يتميز بمرونة تقنية تسمح بتلقي ما هو ضروري للبقاء على اتصال، ويتم كتم جميع إشعارات الرسائل النصية (SMS) وتطبيقات التراسل الفوري وتنبيهات التطبيقات (مثل الإيميل ووسائل التواصل) تلقائياً، ما يبقي الشاشة هادئة تماماً.
مرشح المكالمات
لا يتم توصيل المكالمات الهاتفية الواردة إلا بشرط واحد أن يكون الهاتف متصلاً بنظام Apple CarPlay أو بنظام البلوتوث الحر في السيارة. هذا يضمن أن السائق لن يضطر أبداً إلى لمس الهاتف للرد، أو لرفع سماعة الهاتف. وعلى عكس نظام «عدم الإزعاج» القديم، يمنح «التركيز أثناء القيادة» المستخدم القدرة على إنشاء «قائمة بيضاء» من الأشخاص الموثوقين (كالعائلة أو فريق العمل العاجل) الذين يسمح دائماً بتلقي رسائلهم أو مكالماتهم، في حالة الضرورة القصوى.
الرد الآلي
الميزة الأكثر إثارة للإعجاب هي نظام الردود التلقائية المبتكر، الذي يخدم طمأنة المتصل بأمر المستخدم، وترك مساحة للتدخل العاجل. كما يمكن للمستخدم كتابة رسالة رد تلقائي مخصصة، ترسل فوراً إلى المتصلين لإخبارهم بأنه يقود السيارة ولا يمكنه الرد. وإذا قام المتصل بإعادة إرسال الرسالة مع إضافة كلمة «عاجل» أو«Urgent»، سيتجاهل الهاتف وضع «التركيز» ويعرض الإشعار. هذا يضمن أن يتمكن الأشخاص في «القائمة البيضاء» من تجاوز النظام في حالة الطوارئ الحقيقية.
تتيح هذه الوظيفة إخبار مستخدمي iMessage وFaceTime الآخرين بأن المستخدم يقود سيارته حالياً، دون الكشف عن اسمه الخاص للوضع، ما يعزز خصوصيته ويقلل من توقعات الرد الفوري.
يمكن تفعيل الوضع بطرق عدة، أبرزها التفعيل التلقائي عند الاتصال بنظام CarPlay أو بلوتوث السيارة. لكن، في حال استخدام الهاتف للملاحة فقط، يجب التفعيل اليدوي عبر «مركز التحكم» واختيار «القيادة».
هذه الميزة لا تقدم حلاً تقنياً فقط، بل هي بمثابة تذكير إلزامي بأن السلامة على الطريق تبدأ بوضع الهاتف جانباً. إنها خطوة عملاقة نحو دمج الذكاء الاصطناعي في حماية حياتنا اليومية، وتحويل الهاتف من مصدر خطر إلى حارس أمان.