2025/09/14
لماذا يعيش عشّاق الشاي عمراً أطول؟

 

 

منذ آلاف السنين، ارتبط الشاي بكرم الضيافة في الثقافات المختلفة حول العالم، لكن الدراسات الحديثة تضيف سببا آخر لشعبيته، وهو إطالة العمر وتحسين الصحة العامة. فقد بات الشاي، ثاني أكثر مشروب استهلاكا عالميا بعد الماء، محور أبحاث علمية أثبتت أنه أكثر من مجرد مشروب، بل هو وسيلة طبيعية لدعم الجسم والعقل.

تقول ويتني لينسنماير، اختصاصية التغذية والمتحدثة باسم الأكاديمية الأمريكية للتغذية والحمية: "الشاي خالٍ من السعرات الحرارية وغني بمضادات الأكسدة، وهو ما يمنحه فوائد صحية استثنائية"، هذه الخصائص تساعد على تقليل خطر الإصابة بالجلطات الدماغية، وتحسين ضغط الدم والكوليسترول، وتعزيز جهاز المناعة، وفقا لـ nationalgeographic.

وتشير دراسة نُشرت عام 2022 إلى أن من يشربون الشاي بانتظام تقل لديهم مخاطر الوفاة بنسبة تتراوح بين 9 و13% على مدى عقد كامل، مقارنة بمن لا يتناولونه.

تركيز وراحة ذهنية

يُعرف الشاي بقدرته على تحسين التركيز وتخفيف التوتر، وذلك بفضل مزيجه الفريد من الكافيين و"أل-ثيانين" (L-theanine)، وهو حمض أميني موجود بشكل شبه حصري في أوراق الشاي. وعلى عكس القهوة، يُمتص الكافيين في الشاي تدريجيا، مما يمنح طاقة متوازنة تدوم لفترة أطول من دون التوتر والارتعاش. أما "أل-ثيانين"، فيسهم في تحسين الذاكرة وتعزيز الأداء الذهني، إلى جانب قدرته على تقليل مستويات القلق.

وتُعد الماتشا من أغنى أنواع الشاي بهذا المركب، خاصة الأنواع المزروعة في الظل، بينما يقدم الشاي العشبي مثل الرويبوس بديلا خاليا من الكافيين وغنيا بمضادات الأكسدة التي قد تساعد في تنظيم مستويات السكر بالدم.

الرائحة والاسترخاء

لا تقتصر فوائد الشاي على مكوناته الكيميائية، إذ تشير الدراسات إلى أن رائحته الدافئة وطعمه المميز يعززان الشعور بالاسترخاء. ففي دراسة أُجريت عام 2018، وُجد أن استنشاق رائحة الشاي الأسود ساعد في خفض مؤشرات التوتر لدى مشاركين خضعوا لاختبارات ذهنية. كما يشتهر شاي البابونج بخصائصه المهدئة، بينما ارتبط شاي النعناع بزيادة اليقظة وتحسين التركيز.

الترطيب والصحة العامة

إحدى أهم فوائد الشاي وأكثرها وضوحا هي مساهمته في ترطيب الجسم. ورغم احتوائه على الكافيين الذي يجعله مدرا خفيفا للبول، يبقى الشاي مصدرا فعّالا لتعويض السوائل، وهو ما يدعم صحة القلب والعضلات، ويساعد على الهضم، ويُحسّن وظائف الدماغ.

وتوضح الباحثة إيما بيكيت من جامعة نيوكاسل الأسترالية أن الترطيب لا يقتصر على احتباس الماء في الجسم، بل يشمل حركته داخله لإزالة السموم والحفاظ على توازن الأملاح.

خط الدفاع الأول ضد الأمراض

يمثل الشاي مصدرا غنيا بالفلافونويدات، وخاصة الكاتيكينات التي تحارب تلف الخلايا وتقلل الالتهابات. ويُعتبر الشاي الأخضر الأكثر غنى بهذه المركبات، بما فيها EGCG الذي أظهرت الدراسات الأولية دوره في تنظيم مستويات السكر وتقليل دهون البطن وتحفيز حرق الدهون أثناء التمارين.

أما الشاي الأسود، فرغم فقدانه بعض الكاتيكينات خلال عملية التخمير، فإنه يكتسب مركبات جديدة مثل "الثيافلافين" و"الثياروبيجين" التي تدعم صحة القلب وتمنحه نكهته القوية.

تآزر طبيعي

يرى الخبراء أن القيمة الصحية للشاي تكمن في تكامل مكوناته، إذ يقول الباحثون إن محاولة عزل مركباته الفعالة لم تحقق نفس النتائج. وتوضح جولي ستيفانسكي، المتحدثة باسم الأكاديمية الأميركية للتغذية: "الشاي يعمل كمنظومة متكاملة، حيث تتعاون مركباته الطبيعية لتحقيق أقصى فائدة، وهو ما يجعل الكوب الكامل أكثر فعالية من أي مستخلص جزئي".

وبينما يتزايد الإقبال عالميا على البدائل الصحية للمشروبات، يظل الشاي محتفظا بمكانته، لا كتراث ثقافي فحسب، بل كإضافة يومية بسيطة قادرة على تعزيز الصحة وطول العمر.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://www.arabnn.news - رابط الخبر: https://www.arabnn.news/news76188.html