2025/08/18
هل يمكن للذكاء الاصطناعي حل مشكلة التهرب القانوني في الصين؟

 

دخلت الصين رسميًا سباق التسلح القانوني بالذكاء الاصطناعي.

 

كشف باحثون، يوم الجمعة الماضي، عن "نموذج شياو باو غونغ للمحتوى القانوني"، وهو نظام ذكاء اصطناعي متخصص مُزوّد بقاعدة بيانات ضخمة من الوثائق القانونية: أكثر من 200 مليون حكم قضائي و4.2 مليون قانون ولائحة.

 

 

يُعد هذا أول نموذج ذكاء اصطناعي قانوني عمودي واسع النطاق في البلاد، ويمثل تطورًا ملحوظًا في نظرة الحكومات للخدمات القانونية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بحسب تقرير نشره موقع "gizmochina" واطلعت عليه "العربية Business".

 

ليس هذا التوقيت مصادفة، فبينما تُطوّر الصين نماذج تنافسية للأغراض العامة مثل "ديب سيك" وأنظمة من "بايدو" و"علي بابا" و"بايت دانس"، فإنها تُولي اهتمامًا بالغًا أيضًا لإنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي عالية التخصص مُصممة لقطاعات وحالات استخدام مُحددة.

 

ويُمثل نموذج شياو باو غونغ، الذي طوره فريق البروفيسور وانغ يانلينغ في جامعة جنوب الصين للمعلمين، هذا المسار الموازي للتخصص الرأسي.

 

ما يجعل هذا النظام مثيرًا للاهتمام بشكل خاص هو "هيكله ثنائي المحرك" الذي يجمع بين نموذج لغوي عام واسع ونموذج عمودي متخصص.

 

ويتمتع النموذج بقدرات محادثة واسعة وخبرة عميقة ومحددة في القانون الصيني.

 

كما دمج الباحثون الرسوم البيانية للمعرفة القانونية وتقنيات التوليد المعزز بالاسترجاع (RAG)، وهي في الأساس طرق لضمان قدرة الذكاء الاصطناعي على تتبع استنتاجاته إلى وثائق وسوابق قانونية محددة.

 

 

هذا ليس مجرد تمرين أكاديمي، فقد اجتاز النموذج بالفعل تسجيل الخوارزمية لدى إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية، مما يعني أنه مُصرّح له بالتطبيق العملي.

 

والتطبيقات التي يضعها الباحثون في اعتبارهم عملية للغاية: إعادة النظر الإدارية (مثل طعون القرارات الحكومية)، والرقابة القضائية، والامتثال للعقود.

 

حل مشكلة التغيب القانوني في الصين

تعاني الصين من مشكلة كبيرة في الخدمات القانونية؛ إذ يتركز محاموها الممارسون، البالغ عددهم 700 ألف محامٍ، بشكل كبير في المدن الشرقية الثرية، تاركين مساحات شاسعة من البلاد، وخاصة المناطق الريفية الغربية، مع تمثيل قانوني ضئيل أو معدوم.

 

بعض المقاطعات لا يوجد بها حتى مكتب محاماة واحد.

 

من الناحية النظرية، يمكن لنظام ذكاء اصطناعي قادر على توفير إرشادات قانونية أساسية وتحليل الوثائق أن يساعد في سد هذه الفجوة، مقدمًا شكلاً من أشكال الخدمات القانونية.

 

ولكن ثمة تساؤلات واضحة حول كيفية تطبيق ذلك عمليًا، فأنظمة الذكاء الاصطناعي القانونية تميل، كما هو موثق، إلى "الوهم"، حيث تُنتج استشهادات وسوابق قانونية تبدو معقولة، لكنها مُلفقة تمامًا.

 

ويزعم الباحثون أن نظامهم يُعالج هذه المشكلة من خلال هيكله البياني المعرفي، وتركيزه على الاستجابات القابلة للتتبع والتحقق.

 

ويتمثل الاختبار الحقيقي في مدى قدرته على الحفاظ على هذه الدقة عند تطبيقه على نطاق واسع.

 

هناك أيضًا مسألة الفروق الدقيقة القانونية، فبينما يبدو عدد 200 مليون قضية مُثيرًا للإعجاب، فإن القانون لا يقتصر على مطابقة الأنماط فحسب؛ بل يتطلب فهم السياق، وموازنة المصالح المتضاربة، واتخاذ قرارات يُختلف عليها حتى الخبراء البشريون.

 

وتشير "آلية التعلم الديناميكية" للنظام، والتي تُمكّنه من التحسن بناءً على الملاحظات الواقعية، إلى أن الباحثين يُدركون هذا التحدي.

 

ولعلّ الأهم من ذلك هو أن الصين تُصوّر هذا الأمر على أنه أكثر من مجرد مشروع بحثي.

 

ويُشير إطلاق مسابقة "كأس شياو باوغونغ" لكتابة المقالات التحليلية القانونية التجريبية، إلى جانب منتدى حول بناء مختبرات الذكاء الاصطناعي والقانون، إلى جهود مُنسّقة للانتقال من البحث الأكاديمي إلى التطبيق على نطاق واسع.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://www.arabnn.news - رابط الخبر: https://www.arabnn.news/news75193.html