2025/07/16
وداعًا للوقود.. أول طائرة كهربائية تحلق في سماء أوروبا

 

 

بهدوء لافت، ودون أي هدير محرّك مألوف، ارتفعت الطائرة الكهربائية ALIA CTOL في سماء الدنمارك، في مشهد بدا وكأنه مقتطع من المستقبل، لا من حاضر يتخبّط في أزمة مناخية. لم تكن هذه الرحلة حدثًا عابرًا، بل لحظة مفصلية في تاريخ الطيران الأوروبي، قد تعيد تعريف السفر الجوي كما نعرفه.

من مدينة سوندربورغ إلى قلب العاصمة كوبنهاغن، قطعت الطائرة الأمريكية الصنع مسافة 200 كيلومتر دون أن تحرق نقطة وقود واحدة، في أول رحلة تجريبية ناجحة لطائرة كهربائية بالكامل على الأراضي الدنماركية.

الطائرة، التي طورتها شركة Beta Technologies، ليست مجرد تجربة هندسية، بل إعلان صريح أن الطيران النظيف لم يعد فكرة طموحة على الورق، بل تقنية قابلة للتطبيق، تنتظر فقط بنية تحتية تحتضنها.

رحلة صامتة... لكنها صاخبة التأثير

تحلّق ALIA CTOL بسرعة قصوى تصل إلى 281 كيلومترًا في الساعة، وتستطيع، ببطارية مشحونة بالكامل، أن تقطع حتى 622 كيلومترًا، أي ما يكفي لتغطية معظم الرحلات الإقليمية داخل أوروبا.

لكن الأهم من ذلك، أنها تقلل الانبعاثات بنسبة تصل إلى 84% مقارنة بنظيراتها من الطائرات الهليكوبتر التقليدية، وفقًا لبيانات الشركة المصنعة، وفقا لـ "يورونيوز".

في زمن تعلو فيه التحذيرات بشأن التغير المناخي، بات من الواضح أن صوت المستقبل لم يعد هدير محركات، بل همسة كهرباء نظيفة.

أوروبا تتهيأ... ولكن بشيء من التردد

ومع هذا التقدم التقني المذهل، تظل التحديات قائمة. فالبنية التحتية اللازمة لشحن الطائرات الكهربائية لا تزال شبه غائبة عن معظم المطارات الأوروبية. ومن غير الواضح بعد كيف ستتكيف المطارات – والمشرّعون – مع واقع جديد يجمع بين الطائرات الكهربائية والتقليدية في فضاء واحد.

"نحن نعيش في مفترق طرق تكنولوجي"، يقول إنجفاردسن، كبير الباحثين في المعهد التكنولوجي الدنماركي. "لكن لا ينبغي أن نعتمد على الكهرباء فقط؛ فالمستقبل سيحمل معه وقود طيران مستدام، وهيدروجين، وأنظمة هجينة. الحل سيكون متنوعًا، لأن التحدي كبير ومعقّد."

سباق الوقت: من التجربة إلى التنفيذ

ليست الدنمارك وحدها من تخطو في هذا الاتجاه. فالسويد تعهّدت بتحويل جميع رحلاتها الداخلية إلى طيران خالٍ من الوقود الأحفوري بحلول عام 2030، وتستهدف الرحلات الدولية بحلول 2045.

أما النرويج، فتراهن على طائرات هجينة وكهربائية بالكامل للرحلات الداخلية بحلول 2040. وحتى دول مثل فرنسا وهولندا والمملكة المتحدة بدأت تجارب مماثلة، مدفوعة بضغوط مناخية وسياسية واقتصادية.

لكن الدنمارك، بطموحها الواضح، تسعى لأن تكون الأولى التي تطلق خطًا داخليًا خاليًا من الوقود تمامًا بحلول نهاية هذا العام.

لحظة ليست عادية

في رحلة لم تستغرق سوى بضع عشرات من الدقائق، بعثت الدنمارك برسالة قوية إلى العالم: السماء لم تعد حكرًا على محركات الوقود الأحفوري، الرحلة لم تكن استعراضًا هندسيًا فحسب، بل بداية حقيقية لثورة صامتة تُعيد تشكيل قواعد الطيران، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة، أكثر نظافة، وأكثر احترامًا لكوكب يعاني.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://www.arabnn.news - رابط الخبر: https://www.arabnn.news/news74059.html