أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بعد زيارته دمشق، الخميس، أن الدولتين الجارتين ترغبان في تعزيز العلاقات، مشيدا بجهود سوريا منذ إطاحة بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول)، نقلا عن "فرانس برس".
وعززت تركيا علاقاتها مع السلطات السورية الجديدة التي تسعى لجذب الاستثمارات، من أجل إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة في البلاد جراء سنوات من الحرب الأهلية.
واجتمع فيدان، الذي قام بزيارته الثالثة لدمشق منذ ديسمبر، بالرئيس السوري أحمد الشرع، الخميس.
وكتب فيدان على منصة "إكس": "في محادثاتنا مع السيد الشرع اليوم، أتيحت لنا فرصة بحث قضايا عدة مثل التجارة والاستثمار والنقل والطاقة".
وأكد أنه في ظل قيادة رئيسي البلدين "نحن عازمون على تعميق التعاون بين تركيا وسوريا في جميع المجالات".
وأشار فيدان إلى أنهما ناقشا أيضا العمليات الإسرائيلية في سوريا.
وقال الوزير التركي إن الحكومة السورية "تواجه تحديات عديدة لجعل البلاد أكثر أمانا واستقرارا وازدهارا. المجتمع الدولي، وخصوصا الولايات المتحدة والدول الأوروبية، يقدم دعما كبيرا".
وتابع: "من ناحية أخرى، تنتهج إسرائيل سياسة زعزعة استقرار منطقتنا"، معتبرا أن إحباط سياسات إسرائيل "مسؤولية مشتركة للمجتمع الدولي".
وشنت إسرائيل مئات الغارات على مواقع عسكرية في سوريا عقب إطاحة الأسد، قائلة آنذاك إنها تريد منع وصول الأسلحة إلى أيدي السلطات الجديدة.
وفي يوليو (تموز)، قصفت إسرائيل قوات الحكومة السورية في العاصمة دمشق ومحافظة السويداء لإجبارها على الانسحاب من المنطقة الجنوبية وسط موجة من العنف الطائفي.
وأعلنت إسرائيل أنها تدافع عن الأقلية الدرزية، لكن بعض الدبلوماسيين والمحللين يقولون إن هدفها هو إضعاف الجيش السوري وإبعاد قوات الحكومة الجديدة من حدودها.
وبعد وصوله إلى دمشق، ذكرت وكالة الأناضول التركية الحكومية أن فيدان والشرع سيقيّمان التقدم المحرز بمختلف مجالات التعاون بين تركيا وسوريا خلال الأشهر الثمانية التي انقضت منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، إلى جانب التركيز على تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، بحسب ما نقلت الوكالة عن مصادر دبلوماسية.
من جهتها، ذكرت مصادر تركية مطلعة لـ"العربية.نت" أن فيدان سيناقش مع الرئيس الشرع ومسؤولين آخرين، اتفاق 10 مارس (آذار) المبرم بين مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية والرئاسة السورية.
كما سيناقش الجانبان التركي والسوري سبل التعاون الاقتصادي بين أنقرة ودمشق، لاسيما في مجالات الطاقة، والبنى التحتية، وإعادة الإعمار، وفق المصدر السابق.
وتعليقاً على ذلك، أشار الباحث المتخصص في الشؤون التركية سركيس قصارجيان إلى أن "مثل كل الزيارات السابقة، لم يتم الإعلان عن أهداف هذه الزيارة وخلفياتها، ولكن بالعودة إلى توقيتها وتزامنها مع العديد من المستجدات يمكن التنبؤ بدوافعها وأهدافها".
وأضاف: "أولاً هذه الزيارة تأتي بعد يوم من التوقيع على مذكّرات تفاهم لمشاريع اقتصادية، شدد مبعوث ترامب الخاص إلى سوريا توم براك خلال حفل التوقيع، على أهمية موقع سوريا كقناة وصل بين قطر وتركيا، والدور الهام لشركات تركية مقرّبة من الرئيس رجب طيب أردوغان في إنجازها، ما يجعلنا نعتقد بوجود دوافع تتعلّق بهذه الاتفاقيات وتفاصيلها في هذه الزيارة".
وتابع: "لكن الأهم هو المستجدات السياسية والميدانية التي تراقبها أنقرة عن قرب. اليوم كان هناك تصريح للمتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عن رفض بلاده لفتح ممر بين مناطق سيطرة قسد والسويداء المحاصرة، في أول موقف حول هذا المطلب سبق موقف دمشق حتى التي لم تتطرق إلى هذا الموضوع، وهو ما يشير إلى وجود ضرورة للتنسيق بين دمشق وأنقرة في ظل تحول سوريا إلى ساحة صراع تركية-إسرائيلية باتت واضحة وعلنية".
كما لفت قصارجيان إلى "أن تصريحات قائد قسد قبل أيام حول تأجيل لقاء باريس المرتقب بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية المؤقتة بطلب من الأخيرة، تشير إلى إمكانية وجود تنسيق بين أنقرة ودمشق حول هذا اللقاء الذي يتوقع أن يتم قريباً جداً في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على دمشق على خلفية أحداث السويداء. إضافة إلى الاشتباكات التي اندلعت مؤخراً بين "الجيش الوطني" المدعوم تركياً وقسد في ريف حلب، وارتدادات تلك الاشتباكات على الوضع الميداني السوري الهش"، وفق تعبيره.
وأضاف لـ"العربية.نت" أن زيارة فيدان إلى دمشق تأتي في وقت يتبادل فيه كبار المسؤولين السوريين والأتراك الزيارات فيما بينهم، فهي تأتي بعد أيام من زيارة وزير الداخلية السوري ومسؤولين آخرين إلى تركيا.
كذلك تأتي هذه الزيارة بعد أيام من مناوشاتٍ عسكرية بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري في ريف محافظة حلب شمال البلاد.
وكان فيدان قد قام بزيارة دمشق أواخر شهر ديسمبر الماضي بعد مرور أسبوعين من سقوط نظام الأسد.
وتلت هذه الزيارة زيارة أخرى قام بها فيدان رفقة وزير الدفاع التركي، يشار غولر، ورئيس الاستخبارات إبراهيم كالن في 13 مارس الماضي.
يشار إلى أن تركيا كانت داعماً أساسياً للمعارضة السورية عقب اندلاع احتجاجات معارضة للنظام السابق عام 2011. ومن ثم تدخلت عسكريا في البلاد، حيث شنت 3 عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية بين عامي 2016 و2019.