تعمل شركة "راديا" الأميركية منذ ما يقرب من عقد على تطوير طائرة ضخمة جدا تسمى "ويند رانر"، التي يُتوقع أن تكون أكبر طائرة شحن في العالم، بقدرة حمولة تفوق حمولة طائرة "بوينغ 747" بعشرات المرات، وذلك لحل مشكلة كبيرة تواجه صناعة طاقة الرياح.
فمع تطور طاقة الرياح، أصبحت التوربينات -تلك المراوح العملاقة التي تولد الكهرباء- أكبر وأضخم، مما يزيد صعوبة نقلها عبر الطرق والجسور التقليدية، وبالتالي يعوق بناء مشاريع الرياح الكبرى. فكلما زاد طول شفرات التوربين زادت كمية الطاقة التي يمكن إنتاجها.
ويُطلق على "ويند رانر"، الآن اسم أكبر طائرة في العالم، قبل أن يتم بناؤها أصلاً.
ومع ذلك، فإن هذا العملاق ليس من صنع إيرباص أو بوينغ أو لوكهيد مارتن. بل يُصنع من قبل شركة لم تبنِ طائرة من قبل.
طاقة الرياح
أسس رجل الأعمال والمُهندس في مجال الفضاء والطيران، مارك لوندستروم، شركة "راديا" في عام 2016 لتوسيع صناعة طاقة الرياح البرية بشكل كبير، بعد أن أدرك فجأة إمكانية ذلك.
شفرات التوربينات الريحية المركبة على الشواطئ يمكن أن تصل إلى 100 متر (345 قدمًا) أو أكثر في الطول وهو أكبر بكثير من تلك الموجودة على اليابسة، التي عادةً تكون حوالي 70 مترًا (230 قدمًا).
ويعود السبب إلى الصعوبة في نقل شيء بهذا الحجم من المصنع إلى موقع ناءٍ على سهل أو هضبة. وهذا بدوره يحد من الجدوى الاقتصادية لطاقة الرياح البرية.
لو تمكنت الشركة من حل هذه المشكلة، حسب رأي لوندستروم، فإن الشفرات الأطول ستساعد محطات الرياح البرية على إنتاج مزيد من الطاقة بتكلفة أقل. يقول لوندستروم: "يمكنها مضاعفة أو ثلاث مضاعفات المساحة الصالحة اقتصاديًا لبناء مزارع الرياح في الولايات المتحدة"، ويتوقع أن تسمح هذه التقنية ببناء أكثر من مليون من هذه التوربينات "العملاقة" بحلول عام 2050 على مستوى العالم.
الآن، وبعد أن جمعت شركة "راديا" أكثر من 150 مليون دولار (110 ملايين جنيه إسترليني)، وجذبت مستشارين بارزين، أطلقت مشروعها المحتمل: "ويند رانر.
تغيرات جذرية
وتقول الشركة إن أكبر آلة ثقيلة في التاريخ، مصممة لتسهيل نقل الشفرات الضخمة للتوربينات الريحية، ستحدث ثورة في مجال الطاقة الريحية على اليابسة، وتؤدي إلى تغيير جذري فيها.
يقول لوندستروم، المدير التنفيذي والمؤسس للشركة: "نحن نُبني أكبر طائرة في العالم، وذلك لأن هناك فجوة هائلة في قدرة الطائرات الثقيلة على التحميل"، مضيفًا: "يُدهشني أنه لا توجد طائرة شحن كبيرة قيد الإنتاج أو التخطيط لتلبية هذه الحاجة، باستثناء "ويند رانر".
ويضيف: "إن عدم القدرة على نقل الأشياء الكبيرة هو الحاجز الذي يمنعنا من تكبير التوربينات على اليابسة."
لكن هناك تحدٍ آخر، وهو أن هذه الآلة الضخمة يجب أن تكون قادرة على التنقل عبر مدارج وممرات المطارات الحالية، بالإضافة إلى العمل على أنواع من المدارج القصيرة نسبياً والتي يمكن بناؤها بسهولة بجوار مزارع الرياح.
الحلم الأوكراني
وهناك مبدأ سابق لهذا العملاق. فطائرة" أنتونوف" أن-225 مريا أي "حلم" في اللغة الأوكرانية ،كانت أكبر طائرة في العالم، وكانت تستخدم لنقل أكبر حمولة من نوعها، وكان حجرة حمولتها أطول من أول رحلة قام بها الأخوان رايت، من الإقلاع إلى الهبوط.
لكن، كانت الوحيدة من نوعها التي أنجزت، وتدميرها خلال بداية غزو روسيا لأوكرانيا في 2022 كان ضربة رمزية لأوكرانيا، وضربة حقيقية لمجتمع الطيران العالمي. وفقدان القدرة على نقل حمولات ضخمة جدًا، سواء كانت محركات قطارات كاملة، أو شفرات توربينات الرياح، أو مواد إغاثة، حالياً، كان كارثيًا.
أما التحدي الأكبر، فهو أن شركة "راديا" كانت قد بدأت مشروعها الجديد، رغم أن الشركة لم تبنِ طائرة من قبل.
فقام لوندستروم بتشكيل فريق من المهندسين ذوي الخبرة لتصميم المواصفات قبل أن يُكشف عنها في معرض فارنبورو الدولي للطيران في 2024. وكان أحد الحلول التي نظروا فيها هو طائرة من نوع بالون هوائي، لكنهم اختاروا في النهاية طائرة ذات أجنحة ثابتة ضخمة.
يقول لوندستروم: "نظرنا في جميع الطرق الممكنة لنقل المكونات الكبيرة، وقررنا أن الحل الأفضل هو طائرة ذات أجنحة ثابتة، مصممة حول مكونات صناعات الفضاء، والتي يُنتج معظمها بكميات كبيرة اليوم."
وتُعتبر خاصية هذه الطائرة العملاقة، هو جناحها المستقيم الضخم، الذي يُمَكّنها من الإقلاع والهبوط على مدرج قصير نسبياً، وهو ما يميزها عن غيرها.
وفي حال تم بناؤها، فإن طولها سيصل إلى 108 أمتار، مع جناح يمتد 80 مترًا، وهو ما يُحدده الحاجة إلى تحميل حمولتها في مطار حديث، وستحتوي على حجرة حمولة ضخمة، أكبر بأكثر من ست مرات من تلك الموجودة في أن-225 مريا.