كشف مسؤول في الحكومة اليمنية لـ«العربية.نت» أن 10 أفراد من طاقم سفينة الشحن اليونانية، «إتيرنيتي سي» التي هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر، ما أفضى إلى غرقها، نجوا ووصلوا إلى السعودية.
في المقابل، يدعي الحوثيون أنهم «أنقذوا» عددًا غير محدد من طاقم السفينة «إتيرنتي سي» ونقلوهم إلى «مكان آمن». بينما تتهم واشنطن الحوثيين بخطف الناجين بعد الهجوم على السفينة التي ترفع علم ليبيريا وتديرها شركة يونانية، وكانت عائدة من مهمة إنسانية لإيصال مساعدات غذائية من برنامج الأغذية العالمي إلى مواني الصومال.
وأوضح أحمد عرمان، وزير حقوق الإنسان والشؤون القانونية اليمني، انتهاء عمليات البحث عن ناجين من طاقم السفينة التي هاجمها الحوثيون بزورق مسير و6 صواريخ، في 7 يوليو (تموز)، وأكد مقتل 4 أفراد من الطاقم. وأضاف أنه لا توجد معلومات عن حالة باقي الأفراد، علمًا أن إجمالي عدد من كانوا على متن «إتيرنتي سي» يبلغ نحو 25 شخصًا.
ويُظهر استقبال السعودية لأفراد طاقم سفينة ""إتيرنتي سي" اليونانية" التزام المملكة بحماية حقوق الإنسان دوليًا، وهو جزء من ركائز سياسة الرياض. وتؤكد السعودية باستمرار على ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر، حيث تعتبر حرية الملاحة فيها مطلبًا دوليًا لما لها من تأثير على مصالح العالم أجمع.
من جهته، يقول الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن استقبال الناجين من طاقم السفينة اليونانية "إتيرنتي سي" التي هاجمها الحوثيون أخيراً، يعد قرار سعودي مؤطر بدوافع إنسانية وأخلاقية، وهو ما تفعله المملكة دائمًا في حالات الكوارث والأزمات.
وفي سياق تقدير الموقف عقب تجدد هجمات الحوثيين، يؤكد رئيس مركز الخليج للأبحاث أن تهديدات الجماعة اليمنية لأمن وسلامة الملاحة الدولية لم تعد قضية تخص المملكة فحسب، إذ إن الاعتداءات الأخيرة على سلامة الملاحة البحرية الدولية، لم تمس بشكل مباشر مصالح السعودية، بل تحولت بشكل جذري إلى تهديدات دولية.
وشدد على أن التعامل معها أصبح مسؤولية جماعية دولية يتحملها المجتمع الدولي الذي يتولى مهمة حماية حرية وسلامة الملاحة البحرية في المياه والمضايق الدولية.
في سياق تقدير الموقف عقب تجدد هجمات الحوثيين، يؤكد رئيس مركز الخليج للأبحاث أن تهديدات الجماعة اليمنية لأمن وسلامة الملاحة الدولية لم تعد قضية تخص المملكة، خاصة أن الاعتداءات الأخيرة على سلامة الملاحة البحرية الدولية لم تمس مباشرة مصالح السعودية، بل تحولت جذرياً إلى تهديدات دولية، مشدداً على أن وسائل التعامل معها باتت مسؤولية جماعية دولية يضطلع بها المجتمع الدولي الذي يتولى مهمة حماية حرية وسلامة الملاحة البحرية في المياه والمضايق الدولية.
رفض سعودي لـ "القرصنة البحرية"
ويعود الدكتور عبد العزيز بن صقر بالتذكير بمواقف بلاده إذ إن السعودية التزمت موقفاً ثابتاً تجاه محاولات تهديد حرية وسلامة خطوط الملاحة الدولية كافة، بغض النظر عن طبيعة التهديد ومصدره، لافتاً إلى أن "الموقف السعودي يرفض ويحارب عمليات القرصنة البحرية قرب السواحل الصومالية، كذلك الحال يرفض - موقف الرياض - التدخلات والتهديدات الإيرانية لأمن وسلامة الملاحة الدولية"، مشيراً إلى أن الرياض أعادت تبني الموقف ذاته تجاه التهديدات الحوثية لحرية وسلامة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، وبحر العرب، أو مياه البحر الأحمر، دون النظر لطبيعة المبررات السياسية، أو الدول المستهدفة.
معطيات هجمات الحوثي
في أعقاب تجدد الهجمات الحوثية التي أدت إلى غرق سفينتين تجاريتين، يرى الدكتور عبد العزيز بن صقر أن الجماعة تحاول إيصال رسائل عدة للعالم، ويلخص رئيس مركز الخليج للأبحاث تلك الرسائل بـ 5 معطيات: رغبة الجماعة في إعادة جذب الاهتمام إليها بعد اتجاه الأنظار إلى الحرب الإسرائيلية الإيرانية وتطورات الأوضاع في لبنان وسوريا، إضافة إلى رغبتها في تفعيل المفاوضات مع أميركا، ورسائل أخرى متشابكة مع مصالح بعض الدول الإقليمية، وإشارات حول قدرتها على تنفيذ هجمات جديدة بعد تعرضها لضربات أمريكية إسرائيلية.
تحدٍ دولي
يعتقد الدكتور عبد العزيز بن صقر أن المجتمع الدولي يواجه اليوم تحديًا حقيقيًا في إيجاد استراتيجية تضمن سلامة وحرية الملاحة الدولية من التهديدات الحوثية، وعدم الخضوع للابتزاز من قبل جماعة مسلحة غير شرعية مصنفة ضمن قوائم الجماعات الإرهابية. وأشار إلى أن الحوثيين اليوم باتوا في «وضع حرج ويائس»، إذ تعاني الجماعة العزلة والمقاطعة الإقليمية والدولية، ورغم فرض سيطرتها عبر الإرهاب والقوة على جزء كبير من أراضي اليمن، فإنها لا تزال تعتبر سلطة غير شرعية ولم تحظ بأي اعتراف دولي بشرعيتها.
العدوان والمكاسب الحوثية
أضاف أن «سياسة العدوان الخارجي» باتت لدى الجماعة الحوثية وسيلة لتحقيق بعض المكاسب، إذ وجدوا عبر العدوان أفضل وسيلة للحصول على امتيازات وفرض المطالب على المجتمع الدولي وضمان تنازلات تسمح لها بالاحتفاظ بالسلطة لأطول وقت ممكن.
السعودية.. التزام بتلافي دوائر الحروب
يتفق الباحث السياسي السعودي الدكتور سالم اليامي مع ما ذكره بن صقر، ويؤكد أن السعودية تعد من أوائل الدول الداعية إلى الحلول الدبلوماسية وتلافي دوائر الحروب والصراعات، وتوفير الظروف لتحقيق الأمن والاستقرار في العالم. ويشدد على أن بلاده تدعو دائمًا إلى ضرورة أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر وفقًا للقوانين الدولية التي تكفل حرية المرور والسلامة البحرية.
حماية الممرات .. أولوية سعودية
يجدد الباحث اليامي التأكيد على أن مواقف بلاده من مجمل التطورات الإقليمية ثابتة وتنبع من قلق دائم من التطورات السلبية في المنطقة سواء كانت أمنية أو بيئية أو إنسانية، إذ تراقب الرياض الأحداث بقلق بالغ، وتحث في الوقت ذاته الجميع على المحافظة على أمن واستقرار المنطقة لأهميتها في خطوط الملاحة والتجارة الدولية.
عقب حالة القلق المتصاعد نتيجة تجدد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر التي استهدفت سفينتي «ماجيك سيز» و«إتيرنتي سي»، صوت مجلس الأمن الدولي مؤخرًا على استمرار تقديم تقارير حول هجمات استهداف السفن من قبل الحوثيين في اليمن، بعد تجاهلهم المطالبات السابقة بوقف الهجمات الفوري.
مخططات إيران
في السياق ذاته، يذهب وزير حقوق الإنسان اليمني بالتأكيد على أن مصير حركة السفن التجارية في البحر الأحمر لا يزال عُرضةً للخطر طالما تُركت هذه الميليشيات الإرهابية تُنفذ مخططات إيران لزعزعة أمن واستقرار المنطقة والعبث بضرب حركة التجارة العالمية فيها، كما يرى.
أكثر من 210 سفن
ويستعرض الوزير اليمني إحصاءات حديثة بشأن هجمات الحوثي التي تزعم الجماعة أنها تأتي في سياق دعم الفلسطينيين في قطاع غزة، مبينًا أن تلك الهجمات أسفرت عن تدمير أو غرق عدد من السفن التجارية، في حين تعرضت أكثر من 210 سفن لاعتداءات أدت إلى حدوث كوارث بيئية وسقوط ضحايا واحتجاز أفراد من طواقم الملاحة البحرية، الأمر الذي دفع شركات شحن دولية كبرى إلى تعليق عملياتها في المنطقة أو تغيير مساراتها، مما تسبب في ارتفاع ملحوظ في تكاليف الشحن والتأمين البحري.
ردع دولي
ورغم وجود تحالف دولي لتأمين الملاحة، يرى المسؤول الأول عن حقوق الإنسان في اليمن أن تكرار هجمات الحوثيين يعكس خطورتها تجاه الملاحة البحرية، ويشير إلى أن مستقبل الملاحة البحرية أصبح رهينًا بفاعلية الردع الدولي.
وفي ظل التأكيدات الأممية بأن استهداف السفن يزيد خطر اندلاع صراع أوسع في المنطقة، يكشف المسؤول اليمني عن ملف حقوق الإنسان أحمد عرمان أن جماعة الحوثي استهدفت نحو 100 سفينة تجارية منذ بداية العام المنصرم حتى الوقت الراهن، إضافة إلى إغراق 4 سفن في الفترة ذاتها.
ويشدد الوزير اليمني أحمد عرمان على أهمية اتخاذ قرارات دولية جادة لحماية الملاحة الدولية، فضلاً عن استهداف القدرات العسكرية للحوثيين، وصولاً إلى إزالة وجودها في بعض المناطق اليمنية، عبر دعم الحكومة الشرعية من أجل إنهاء انقلاب الميليشيات على السلطة في اليمن، وبذلك يتحقق الأمن والاستقرار.