اعتادت المليشيات الحوثية قمع المنظمات الإنسانية لأسباب مختلفة من بينها عدم رغبتها في حضور أممي وخارجي واسع في أماكن سيطرتها بما يُمكنها من ارتكاب جرائمها بحق المدنيين من دون رقيب أو حسيب، إلى جانب أنها تسعى لسرقة أموال ومساعدات تلك المنظمات وتوجيهها إلى صالح المجهود الحربي الخاص بها بدلا من مساعدة الأبرياء، ونهاية برغبتها في أن تشهد مناطق سيطرتها مجاعة تجعل المواطنين ينشغلون عن مجابهتها.
على مدار السنوات الماضية تقلصت ميزانيات تمويل الدعم الإنساني إلى اليمن بفعل إجرام مليشيا الحوثي والتي أرغمت الكثير من المنظمات العاملة في هذا المجال على وقف أنشطتها، وهو ما تسبب في فجوة كبيرة بين خطة الاستجابة الإنسانية لـ 2020 والتي تطلبت 3.2 مليار دولار، لكن المتحدة لم تتسلم سوى 1.65 مليار دولار، وفق بيان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، منتصف ديسمبر الماضي.
وازدادت نسبة الجوع وسوء التغذية بشكل غير مسبوق خلال العام الماضي، وسط تحذيرات من عواقب إنسانية وخيمة حال استمر الصراع دون تدخل إنساني متواصل، وقالت منظمتا "يونيسف" والأغذية والزراعة "فاو"، وبرنامج الأغذية العالمي، في بيان، مطلع ديسمبر الماضي، إن درء المجاعة عن اليمن يتلاشى مع مرور كل يوم.
ويبلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من هذه الدرجة من انعدام الأمن الغذائي الكارثي 47 ألف شخص بحسب تقارير تلك المنظمات، كما أن أعداد الأشخاص الذين يواجهون المرحلة الرابعة من انعدام الأمن الغذائي- مرحلة الطوارئ - على وشك الزيادة من 3.6 مليون إلى 5 ملايين شخص في النصف الأول من 2021، ما يضعهم أيضا على شفا السقوط في ظروف كارثية، وربما مجاعة، إذا لم يحدث تغيير في المسار".
وحذرت تلك البيانات من أن "أكثر من نصف السكان (16.2 مليون شخص) سيواجهون مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي بحلول منتصف 2021، مع وجود العديد من الأشخاص على عتبة الانزلاق إلى مستويات متفاقمة من الجوع".
أصدرت مليشيا الحوثي، المدعومة إيرانيًا، تعليمات جديدة بصيغة تهديدات؛ وذلك بهدف تضييق الخناق على الأنشطة والبرامج الإغاثية والإنسانية، التي تنفذها المنظمات في مناطق سيطرتها.
وحذرت التعليمات الصادرة عن ما يسمى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية التابع للمليشيات، المنظمات العاملة في مناطق سيطرتها من عقد أي برامج أو شراكات أو أنشطة عبر الانترنت مع منظمات دولية، دون الرجوع إليها بما في ذلك المسابقات أو السفريات.
فيما حذرت الوثيقة أيضًا من عقد أية اجتماعات، أو ورش عمل افتراضية دون إذن مُسبق، وقال مصدر عامل في مجال الإغاثة بصنعاء لـ"المشهد العربي"، إن مليشيا الحوثي تُشدد من إجراءاتها الرقابية الخانقة للعمل الإنساني والإغاثي.
وأضاف أن ما يسمى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، يرفض تنفيذ أي مشروع قبل أخذ الإذن منه، في إطار مُخطط من قبله لفرض بعض الرسوم المالية مقابل منح تلك التراخيص.