في ظل تزايد الاتصالات الدولية المجهولة التي يتلقاها المصريون خلال الفترة الأخيرة، تصاعدت المخاوف بشأن أمن الهواتف المحمولة واحتمالات تعرضها للاختراق، الأمر الذي دفع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إلى إطلاق تحذيرات رسمية للتنبيه من خطورة بعض المكالمات والرسائل الواردة من مصادر غير معروفة.

وكشف الجهاز، عبر متحدثه الرسمي المهندس محمد إبراهيم، عن وجود محاولات لاختراق الهواتف المحمولة عبر المكالمات، تستهدف مستخدمي شبكات الجيل الثالث وحتى الجيل الخامس داخل مصر، مؤكداً أن هذه التحذيرات تأتي في إطار جهود رفع الوعي الرقمي وحماية البيانات الشخصية للمواطنين من المخاطر الإلكترونية المتزايدة.

ومع انتشار هذه التحذيرات، بدأت التساؤلات: هل يمكن بالفعل اختراق الهاتف المحمول من خلال مكالمة صوتية فقط؟

الاختراق عبر المكالمة.. نادر للغاية

في هذا السياق، قال المهندس محمود إدريس، خبير أمن المعلومات وصاحب شركة متخصصة في أمن المعلومات وإدارة الأصول الرقمية، في تصريح خاص لـ"العربية نت" و"الحدث نت"، إن اختراق الهاتف المحمول بمجرد تلقي مكالمة هاتفية يُعد أمراً نادر الحدوث للغاية، ولا يتم بالطريقة الشائعة المتداولة بين المستخدمين.

وأوضح إدريس أن المكالمات الصوتية العادية لا يمكن أن تؤدي بمفردها إلى اختراق الهاتف، مؤكداً أن هذا السيناريو مستحيل تقنياً دون تدخل المستخدم أو وجود عوامل إضافية. وأضاف أن احتمالية الاختراق عبر مكالمات تتم من خلال تطبيقات مثل "واتساب" أو "ماسنجر" تظل ممكنة من الناحية النظرية فقط، لكنها تقتصر على حالات استثنائية جداً، تتطلب توافر شروط معقدة، من بينها وجود ثغرات تقنية داخل التطبيق نفسه، واستهداف شخص بعينه، إلى جانب استخدام أدوات تجسس متطورة ومكلفة مثل برنامج "Pegasus".

"الهندسة الاجتماعية"

وأشار خبير أمن المعلومات إلى أن ما يحدث فعلياً في نحو 99% من الحالات لا يعد اختراقاً تقنياً مباشراً، وإنما يعتمد على أساليب الخداع أو ما يعرف بـ"الهندسة الاجتماعية"، حيث يتم استدراج المستخدم للضغط على رابط مشبوه أو تحميل ملف خبيث، أو إدخال كود معين، أو تنفيذ إجراء بيده يؤدي في النهاية إلى اختراق الهاتف أو سرقة البيانات.

وشدد إدريس على أن تحذيرات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تأتي في إطار تعميم التحذير ورفع مستوى الوعي الرقمي لدى المواطنين، مؤكداً أن تلقي مكالمة من رقم مجهول لا يعني بالضرورة أن الهاتف قد تعرض للاختراق.

من جانبه، أكد المهندس أحمد عبد اللطيف، خبير أمن المعلومات، في تصريح خاص لـ"العربية نت" و"الحدث نت"، أن اختراق الهاتف المحمول عبر مكالمة هاتفية ممكن من الناحية التقنية، لكنه يتطلب آليات معقدة للغاية تستخدمها دول كبرى، ولا تتوفر للأفراد أو الجهات العادية.

وأوضح عبد اللطيف أن الطريقة الأكثر شيوعاً حالياً لا تعتمد على الاختراق المباشر عبر المكالمة، وإنما تتم من خلال "الهندسة الاجتماعية"، حيث يستغل المحتال بعض المعلومات المتاحة عن الضحية، ثم يجري مكالمة هاتفية لبث الطمأنينة وكسب الثقة، قبل إرسال رابط خبيث ودفع الضحية للضغط عليه، لتبدأ عملية الاختراق بهذه الطريقة.

روابط مشبوهة

وأشار إلى أن هذا الأسلوب بات منتشراً خلال الفترة الأخيرة عبر إرسال روابط مشبوهة من خلال تطبيق "واتساب" أو غيره من تطبيقات التواصل، لافتاً إلى أن المحتالين يحصلون على معلوماتهم الأولية من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يتواصلون مع الضحايا منتحلين صفة جهات رسمية أو بنوك أو مؤسسات مختلفة بهدف الاستيلاء على البيانات الشخصية.

وعن المكالمات الواردة من أرقام خارج مصر، أوضح عبد اللطيف أن تقنيات الاختراق عبر هذه المكالمات ليست متاحة للجميع، وتُعد شديدة التعقيد، وتستخدمها بعض الدول الكبرى في نطاقات محددة ولأغراض أخرى، مشيراً إلى أنها تعتمد على تقنيات متقدمة يمكن من خلالها تمرير أو سحب معلومات عبر المكالمة، وهي وسائل غير متوفرة للأفراد العاديين.

واختتم خبير أمن المعلومات تصريحاته بالتأكيد على أن تحذيرات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تهدف بالأساس إلى رفع الوعي الرقمي لدى المواطنين، والتنبيه إلى خطورة الروابط المشبوهة عبر التطبيقات المختلفة، دون إثارة الذعر من مجرد تلقي المكالمات الهاتفية.