رغم أن الأسواق الحرة في المطارات اشتهرت ببيع العطور والمشروبات بأسعار مغرية، إلا أن الحقيقة مختلفة عندما يتعلق الأمر بالمشتريات اليومية؛ فزجاجة ماء أو وجبة خفيفة قد تكلفك أضعاف سعرها خارج المطار، لتتحول تجربة السفر إلى فاتورة غير متوقعة.
تكشف الأرقام حجم الظاهرة، حيث حققت مطارات أميركا العام الماضي أكثر من مليار دولار من عائدات المبيعات، وفقا لتقرير "Business Insider" الذي بحث في أسباب الارتفاع الجنوني للأسعار.
خذ مثالا بسيطا: لوح شوكولاتة يباع في المتاجر العادية بـ6.59 دولار، لكن في مطار لاغوارديا بنيويورك يصل سعره إلى 14.49 دولار! فما الذي يجعل الأسعار تحلق بهذا الشكل؟
مع تطور المطارات منتصف القرن العشرين، لم تعد مجرد بوابات للسفر، بل تحولت إلى فضاءات مليئة بالمطاعم والمتاجر والهندسة المعمارية المبهرة. الهدف كان واضحا: جذب المسافرين وزيادة الإيرادات، كما تقول جانيت بيدناريك، أستاذة تاريخ الطيران بجامعة دايتون: إن المطارات تبحث دائما عن طرق لزيادة الأرباح.
أدى هذا التوجه إلى طفرة في عدد المتاجر، خاصة مع تزايد أعداد المسافرين العابرين بين الرحلات.
سياسة التسعير.. من سعر الشارع إلى السعر زائد
في التسعينيات، ابتكر مطار بيتسبرغ نموذج تسعير الشارع، أي بيع المنتجات بنفس أسعارها خارج المطار، وسرعان ما تبنت مطارات أخرى الفكرة. لكن اليوم، معظم المطارات الأميركية تعتمد سياسة السعر في الشارع زائد، أي السعر الخارجي مضافا إليه نسبة معينة.
في مطار لاغوارديا مثلا، يسمح بزيادة تصل إلى 15% فوق السعر المعتاد، إضافة إلى رسوم اختيارية بنسبة 3% لتغطية مزايا الموظفين. لكن حساب هذه النسبة ليس سهلا، وغالبا ما يثير الجدل.
كشف تقرير "Business Insider" فروقات كبيرة بين الأسعار الفعلية والأسعار التي تقول الشركات إنها تعتمدها، ما دفع هيئة الموانئ في نيويورك لتوضيح أن الأسعار تراجع باستمرار، وأن أي تجاوزات تصحح فورا.
لماذا ترتفع الأسعار؟
تبرر المطارات ذلك بالتكاليف الإضافية، من الأمن إلى الإيجارات المرتفعة ورواتب العاملين. ومع ذلك، هناك نماذج مختلفة؛ فمطار بورتلاند في ولاية أوريغون يطبق سياسة التسعير النظيف، أي نفس السعر داخل وخارج المطار، بلا زيادات أو رسوم إضافية، ويعتبرها تجربة ناجحة.
يقول دان بيبنجير، المسؤول في هيئة الطيران ببورتلاند: إذا وفرت للمشغلين هيكلا ماليا يسمح لهم بالنجاح، فلن يعارضوا سقف الأسعار.
لكن التقارير تكشف عن سياسة متعمدة في تصميمات المطارات والمسارات بداخلها، مما يجعل أوقات الانتظار أطول والاحتياجات الاستهلاكية ترتفع، بينما تصبح المنافسة في يد عدد محدود جدا من الشركات التي تسيطر على امتيازات المطاعم والمقاهي داخل المطارات في أميركا وحول العالم.
لا تنخدع بتعدد العلامات التجارية للمقاهي في المطار؛ فأغلبهم مملوك لشركة واحدة أو شركتين على الأكثر، هذا ما سنكشفه في تقرير "العربية Business" القادم.