الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - تكنولوجيا و صحة - أندر من الألماس.. أحفورة نملة عمرها 16 مليون سنة

أندر من الألماس.. أحفورة نملة عمرها 16 مليون سنة

الساعة 01:02 مساءً

 

في كشف مذهل يُقارن بندرته بالألماس، اكتشف العلماء نملة متحجرة غير عادية عمرها 16 مليون عام، محفوظة في كهرمان من جمهورية الدومينيكان، هزّت الفرضيات السابقة حول تطور النمل وانتشاره الجغرافي.

الأحفورة تعود إلى نوع جديد من النمل الترابي النادر للغاية، أُطلق عليه اسم Basiceros enana، وتُعد أول دليل مباشر على وجود سلالة "باسيسيروس" في منطقة البحر الكاريبي خلال عصر الميوسين، قبل اختفائها الغامض من تلك المنطقة.

ويقول الباحثون إن هذه النملة التي لا يتجاوز طولها 5.13 مليمتر، تُعد بمثابة "كنز تطوري" يفتح نافذة على نظام بيئي منقرض كان يزخر بنمل مفترس متقن للتمويه.

الدراسة التي نُشرت في مجلة وقائع الجمعية الملكية البريطانية استخدمت تقنيات تصوير مقطعي محوسب متقدمة، كشفت عن تفاصيل دقيقة مثل الشعيرات المتخصصة التي تسمح للنمل بجمع جزيئات التربة على أجسامه للتمويه.

الأكثر إثارة، أن هذا الاكتشاف يُناقض الاعتقاد السائد بأن نمل "باسيسيروس" نشأ حصريًا في أمريكا الجنوبية، ويقترح أنه كان موجودًا في جزر الكاريبي قبل أن يختفي نتيجة لتغيرات بيئية كبيرة ومنافسة شرسة مع أنواع أخرى، وفقا لـ"ديلي جالاكسي".

ووصف باحثون من معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا هذا الاكتشاف بأنه "أشبه بالعثور على الألماس، نظرًا لندرة نمل التراب الشديد، سواءً بأشكاله الحديثة أو المتحجرة. اليوم، لا توجد أنواع حية من نمل "بيسيروس" إلا في الغابات المطيرة الاستوائية الجديدة، من كوستاريكا إلى جنوب البرازيل، بعيدًا عن موطنه الكاريبي سابقًا.

التصوير المتطور يعيد الماضي إلى الحياة

لدراسة الأحفورة، استخدم الفريق التصوير المقطعي المحوسب عالي الدقة ، وهي تقنية أتاحت لهم تصوّر تفاصيل مجهرية لا تُرى بالعين المجردة. كشف هذا عن شعيرات متخصصة - شعيرات طويلة "للفرشاة" وشعيرات أقصر "للحمل" - يستخدمها نمل التراب للتمويه عن طريق جمع جزيئات التربة على أجسامه.

ويبدو أن هذا الشكل من التخفي الشديد كان موجودًا منذ 16 مليون عام على الأقل، مما يدل على أن النمل القديم أتقن استراتيجيات البقاء التي لا تزال فعالة حتى اليوم.

على الرغم من سمات بقائها المميزة، اختفت نملة باسيسيروس إينانا في نهاية المطاف من منطقة البحر الكاريبي. يعتقد الباحثون أن هذا الاختفاء نتج عن مجموعة من التغيرات البيئية الكبرى خلال العصر الميوسيني، والتي غيّرت أو قلّصت موائلها، وزادت من حدة المنافسة مع أنواع أخرى من النمل، مما قد يكون دفعها إلى الانقراض محليًا، بالإضافة إلى انخفاض كبير في تنوع الحيوانات المفترسة في جميع أنحاء المنطقة، حيث اختفى أكثر من ثلث أجناس النمل منذ تكوّن الكهرمان الدومينيكي.

العالم فيل باردن، المؤلف الرئيسي للدراسة ، قال: "لو نظرنا فقط إلى الأنواع الحية، لما كنا لنتخيل أبدًا أن أسلافها عاشت في الكاريبي. هذه الأحفورة تعيد تشكيل خريطتنا لفهم تطور الحياة."

وقال جيانبيرو فيورنتينو أحد مؤلفي الدراسة : "هذه الأحفورة تُمثّل حلقةً مفقودةً في لغزٍ أكبر. إن فهم أسباب اختفاء هذه النمل قد يُساعدنا على التنبؤ بشكلٍ أفضل بالأنواع المُعرّضة للخطر اليوم".

هذه النملة الصغيرة المدفونة في العنبر لا تحكي فقط قصة انقراض نوع، بل تطرح أسئلة مهمة عن مستقبل الأنواع المهددة اليوم، وتُذكّرنا بأن أسرار الماضي لا تزال تُدفن في أعماق الزمن، تنتظر من يُنقّب عنها.